بسم الله الرحمن الرحیم

كتاب الضمان-الحوالة-الكفالة

فهرست علوم
فهرست فقه
علم الحقوق
الگوریتم ضمان-متلف-تالف-تلافي
الضمان الحکمی الشرعی و الضمان العقدی
انواع الحقوق
الأمانة الشرعية و الأمانة المالكية
العقد-الایقاع-الفرق بین العقود و الایقاعات
العهدة-الذمة-الوفاء
تقسیم مباحث الفقه-التقسیم الرباعي-العبادات-العقود-الایقاعات-الاحکام
ساختار درختی عقود-ایقاعات-تحلیل و ترکیب
العروة الوثقی-كتاب الضمان و الحوالة-مع الحواشي
فهرست جلسات مباحثه فقه الضمانات
فهرست جلسات فقه هوش مصنوعي
انواع الوفاء للدین-الأداء-الحوالة-الضمان-التهاتر
اجماع-شهرت-اشهر-لاخلاف-اتفاق-عند علمائنا
وفاء دین الغیر تبرعا-ضمان دین الغیر تبرعا-رضایت-اذن-عدم الرد-مدیون-مضمون عنه
هل الابراء یحتاج الی القبول-شرط رضایت-عدم الرد
انواع القبول-رضایت-ردّ-جزء-شرط-مانع-انعقاد-استقرار-لزوم-مراعی-معلق-تعلیق-تزلزل
اتحاد طریق المسأتین لیس من القیاس
صدر من اهله فی محله-بیع فضولي
العتق الفضولي-نظر صاحب جواهر-کتاب العتق
تطبیق عین و مال کلی در ذمة-کلی در معین-صاع من صبرة-حق بائع و مدیون
كتاب الوصية-مستمسک-التملیکیة-العهدیة-التخصیصیة-موصی له-موصی الیه-نوع-جهت
كتاب الوصية-مستمسک-الوجوه و الاقوال فی قبول الموصی له-جزء-شرط-کاشف-ناقل-رضایت-رد
حق-ملك-حکم-اشاعة-کلي در معین



الكافي (ط - الإسلامية) ؛ ج‏5 ؛ ص104
5- محمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن الحسن بن علي بن يقطين عن الحسين‏ بن خالد قال: قلت لأبي الحسن ع جعلت فداك قول الناس الضامن غارم قال فقال ليس على الضامن غرم الغرم على من أكل المال‏ «1».


من لا يحضره الفقيه ؛ ج‏3 ؛ ص96
3402 و- روي عن الحسين بن خالد «2» قال‏ قلت لأبي الحسن ع جعلت فداك قول الناس الضامن غارم فقال ليس على الضامن غرم إنما الغرم على من أكل المال‏ «3».
______________________________
(2). رواه الكليني في مرسل مجهول ج 5 ص 104 و الشيخ في التهذيب في الحسن عنه.
(3). قال العلامة المجلسي: لعله محمول على ما إذا ضمن باذن الغريم فان له الرجوع عليه بما أدى فالغرم عليه لا على الضامن- انتهى، و قيل: لعل المصنف حمل الضامن على الكفيل. و قال سلطان العلماء- ره- قوله «انما الغرم- الخ» لان كل ما يغرمه الكفيل و الضامن يأخذ منه فلم يبق عليهما غرم و هذا في الكفالة مع الاذن في الكفالة أو الاذن في الأداء و لعل الحديث محمول على هذا بناء على أنه الغالب- انتهى- و قال الفيض- رحمه الله-: أراد بالضامن ضامن النفس أعنى الكفيل أو يكون المراد به ضامن المال و يكون الوجه في نفى الغرم عنه أنه يرجع الى الغريم بما أداه.


تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان) ؛ ج‏6 ؛ ص209
«485»- 2- محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن يقطين عن الحسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن ع جعلت فداك قول الناس الضامن غارم قال فقال ليس على الضامن غرم الغرم على من أكل المال.


روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه (ط - القديمة) ؛ ج‏6 ؛ ص226
الناس الضامن غارم فقال ليس على الضامن غرم إنما الغرم على من أكل المال‏
______________________________
«و روي عن الحسين بن خالد» أو الحسن كما في بعض النسخ و لم يذكر طريقه إليهما لكن الكليني رواه عنه في القوي و الشيخ في الصحيح، و الحسين‏ حسن و الحسن ثقة «1» «إنما الغرم على من أكل المال» أي إذا ضمن بإذن المضمون عنه فالضمان بالأخرة عليه و إلا فلا شك في أن الضامن يغرم و يدل عليه أخبار كثيرة ستجي‏ء.



الوافي ؛ ج‏18 ؛ ص834
18388- 4 الكافي، 5/ 104/ 5/ 1 محمد عن بعض أصحابنا عن ابن يقطين‏ التهذيب‏، 6/ 209/ 2/ 1 ابن محبوب عن محمد بن عيسى عن ابن يقطين عن‏ الفقيه‏، 3/ 96/ 3402 الحسين بن خالد قال‏ قلت لأبي الحسن ع جعلت فداك قول الناس الضامن غارم- قال فقال ليس على الضامن غرم الغرم على من أكل المال‏
بيان‏
أراد بالضامن الضامن للنفس أعني الكفيل أو يكون المراد به ضامن المال و يكون الوجه في نفي الغرم عنه أنه يرجع على الغريم بما أداه‏




ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار ؛ ج‏9 ؛ ص555
[الحديث 2]
2 محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن يقطين عن الحسين بن خالد قال‏ قلت لأبي الحسن ع جعلت فداك قول الناس الضامن غارم قال فقال ليس على الضامن غرم الغرم على من أكل المال.
______________________________
القرون الأولى، ثم قال: إن قوما أذنبوا ذنوبا كثيرة، فأشفقوا منها، و خافوا خوفا كثيرا شديدا، فجاء آخرون فقالوا: ذنوبكم علينا، فأنزل الله عز و جل عليهم العذاب، ثم قال تبارك و تعالى: خافوني و اجترأتم علي. «1» الحديث الثاني: مجهول.
قوله عليه السلام: ليس على الضامن‏ أي: إذا كان بإذنه، لأنه لا يرجع عليه حينئذ فيأخذ منه. و يمكن أن يكون المراد بالضامن الكفيل.



مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ؛ ج‏19 ؛ ص60
5 محمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن الحسن بن علي بن يقطين عن الحسين بن خالد قال‏ قلت لأبي الحسن ع جعلت فداك قول الناس الضامن غارم قال فقال ليس على الضامن غرم الغرم على من أكل المال‏
______________________________
الحديث الخامس‏: مرسل مجهول.
قوله عليه السلام:" الغرم على من أكل المال" لعله محمول على ما إذا ضمن بإذن الغريم، فإن له الرجوع عليه بما أدى، فالغرم عليه لا على الضامن.




المقنعة (للشيخ المفيد)؛ ص: 813
كتاب الضمان و الحوالة و الكفالة و الوكالة‌

المقنعة (للشيخ المفيد)، ص: 814‌
باب الضمانات و الكفالات و الحوالات و الوكالات‌
و من كان عليه حق فسأل إنسانا ضمانه عنه لصاحبه فضمنه و قبل المضمون له ضمانه و كان الضامن مليا بما ضمن فقد وجب عليه الخروج مما ضمن إلى صاحبه و برئ المضمون عنه من مطالبة من كان له عليه و كذلك إن كان الضامن متبرعا بالضمان من غير سؤال المضمون عنه ذلك و قبل المضمون له ضمانه فقد برئ المضمون عنه إلا أن ينكر ذلك و يأباه فيبطل ضمان المتبرع و يكون الحق على أصله لم ينتقل عنه بالضمان.
و ليس للضامن على المضمون عنه رجوع فيما ضمنه إذا تبرع بالضمان عنه و إن سأله المضمون عنه ذلك و ضمن له الخروج إليه كان عليه ذلك و للضامن استيفاؤه منه.
و إذا ضمن إنسان شيئا و هو غير ملي به لم يبرأ المضمون عنه ذلك إلا أن يكون المضمون له قد قبل ضمانه مع العلم بأنه غير ملي بما ضمن فلا يجب له مع هذه الحال الرجوع على المضمون عنه.
و إذا كان لإنسان على غيره مال فأحاله به على رجل ملي به فقبل‌


المقنعة (للشيخ المفيد)، ص: 815‌
الحوالة و أبرأه منه لم يكن له رجوع عليه ضمن ذلك المال المحال به عليه أو لم يضمن فإن لم يقبل الحوالة إلا بعد ضمان المحال عليه و لم يضمن من أحيل عليه ذلك كان له مطالبة المديون و لم تبرأ ذمته بالحوالة و إن انكشف لصاحب المال أن الذي أحيل عليه به غير ملي بالمال بطلت الحوالة و كان له الرجوع على المديون بحقه عليه.
و إذا كان الضامن مليا بما ضمن في وقت ضمانه و قبل المضمون له ضمانه ثم عجز بعد ذلك عما ضمن لم يكن للمضمون له الرجوع على المضمون عنه و إنما يرجع عليه إذا لم يكن الضامن مليا في وقت الضمان فظن أنه ملي به على ما قدمناه.
و لا يصح ضمان مال و لا نفس أحد إلا بأجل معلوم.
و من ضمن لغيره نفس إنسان إلى أجل معلوم بشرط ضمان النفوس ثم لم يأت به في الأجل كان للمضمون له حبسه حتى يحضر المضمون أو يخرج إليه مما عليه.
و من خلى غريما لرجل من يده قهرا و إكراها كان ضامنا لما عليه فإن خلاه بمسألة أو شفاعة لم يكن عليه ضمان إلا أن يضمن ما عليه و يشترط القيام به عند تخليته.
و من خلى قاتلا من يد ولي المقتول بالجبر على تخليته كان ضامنا لدية المقتول إلا أن يرد القاتل إلى الولي و يمكنه منه.
و ضمان المجهول لازم كضمان المعلوم حتى يخرج منه بحسب ما تقوم به البينة للمضمون له أو يحلف عليه.


المقنعة (للشيخ المفيد)، ص: 816‌
و تفسير هذا أن يقول قائل لإنسان قد لازم غيره على حق له عنده خل سبيله و أنا ضامن لحقك عليه كائنا ما كان فإن أقام المضمون له البينة على مقدار الحق خرج الضامن إليه منه و لا تقبل دعواه بغير بينة إلا أن يحلف على ما يدعيه.
و لا يجوز أن يضمن إنسان عن غيره ما يدعيه خصمه عليه كائنا ما كان و لا ما يقترحه من الحقوق و لا ما يخرج به حساب في كتاب لا حجة فيه إلا أن يتعين المضمون أو تقوم به حجة على ما ذكرناه فصل و إذا وكل الإنسان غيره في الخصومة عنه و المطالبة و المحاكمة فقبل الموكل ذلك و ضمن القيام به فقد صار وكيله يجب له ما يجب لموكله و يجب عليه ما يجب عليه إلا ما يقتضيه الإقرار من الحدود و الآداب و الأيمان.
و الوكالة تعتبر بشرط الموكل فإن كانت في خاص من الأشياء لم تجز فيما عداه.
و إن كانت عامة قام الوكيل مقام الموكل على العموم حسب ما بيناه.
و الوكالة تصح للحاضر كما تصح للغائب.
و لا يجب الحكم بها على طريق التبرع دون أن يلتزم ذلك بإيثار الموكل و اختياره.
و لحاكم المسلمين أن يوكل لسفهائهم و أيتامهم من يطالب بحقوقهم و يحتج عنهم و لهم.


المقنعة (للشيخ المفيد)، ص: 817‌
و ينبغي لذوي المروءات من الناس أن يوكلوا لأنفسهم في الحقوق و لا ينازعوا فيها بأنفسهم و للمسلم أن يتوكل للمسلمين على أهل الإسلام و أهل الذمة و لأهل الذمة على أهل الذمة خاصة.
و يتوكل الذمي للمسلم على الذمي و لأهل الذمة على أمثالهم من الكفار و لا يجوز للذمي أن يتوكل على أحد من أهل الإسلام.
و ينبغي أن يكون الوكيل عاقلا بصيرا بالحكم فيما له و عليه مأمونا عارفا باللغة التي يحتاج إلى المحاورة بها في وكالته لئلا يأتي بلفظ يقتضي إقرارا بشي‌ء أراد به غيره.
و لا يحل لحاكم من حكام المسلمين أن يسمع من متوكل لغيره إلا أن تقوم البينة عنده بأنه وكيل له.
و الكفيل و الزعيم و الضمين في المعنى واحد و الحكم في بابهم على ما قدمناه و فصلنا القول به و شرحناه قال الله عز و جل قٰالُوا نَفْقِدُ صُوٰاعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جٰاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ يريد ضامنا و كفيلا‌
________________________________________
بغدادى، مفيد، محمّد بن محمد بن نعمان عكبرى، المقنعة (للشيخ المفيد)، در يك جلد، كنگره جهانى هزاره شيخ مفيد - رحمة الله عليه، قم - ايران، اول، 1413 ه‍ ق




الخلاف؛ ج‌3، ص: 311
[كتاب الضمان]

الخلاف، ج‌3، ص: 313‌
مسألة 1: ليس من شرط الضمان أن يعرف المضمون له، أو المضمون عنه.
و للشافعي فيه ثلاثة أوجه، أحدها: مثل ما قلناه «1».
و الثاني: أن من شرطه معرفتهما «2».
و الثالث: أن من شرطه معرفة المضمون له دون المضمون عنه «3».
دليلنا: ما روي أن عليا عليه السلام و أبا قتادة لما ضمنا الدين عن الميت «4» لم يسألهما النبي صلى اللّٰه عليه و آله عن معرفتهما لصاحب الدين، و لا الميت، فدل على أنه ليس من شرطه معرفتهما.
مسألة 2: ليس من شرط صحة الضمان رضاهما أيضا،
و إن قيل: إن من شرطه رضا المضمون له كان أولى.
و قال الشافعي: المضمون عنه لا يعتبر رضاه «5»، و المضمون له فيه قولان:
______________________________
(1) المجموع 14: 5، أحكام القرآن لابن العربي 3: 1086، و مغني المحتاج 2: 200، و السراج الوهاج:
240، و فتح العزيز 10: 358- 359، و المغني لابن قدامة 5: 71- 72، و الشرح الكبير 5: 79.
(2) المجموع 14: 5، و فتح العزيز 10: 358، و أحكام القرآن لابن العربي 3: 1086 و المغني لابن قدامة 5: 71- 72، و الشرح الكبير 5: 79.
(3) المجموع 14: 5، و مغني المحتاج 2: 200، و السراج الوهاج: 240، و كفاية الأخيار 1: 171، و فتح العزيز 10: 359، و المغني لابن قدامة 5: 71- 72، و الشرح الكبير 5: 79.
(4) سنن الدارقطني 3: 78 حديث 291 و 292، و السنن الكبرى 6: 73.
(5) المجموع 14: 13، و الوجيز 1: 183، و السراج الوهاج: 240، و مغني المحتاج 2: 200، و كفاية الأخيار 1: 171، و فتح العزيز 10: 358.


الخلاف، ج‌3، ص: 314‌
فقال أبو علي الطبري: من شرطه رضاه مثل الثمن في المبايعات «1».
و قال ابن سريج: ليس ذلك من شرطه، لأن عليا عليه السلام و أبا قتادة لم يسألا المضمون له «2».
دليلنا: ضمان علي عليه السلام و أبي قتادة «3»، فإن النبي صلى اللّٰه عليه و آله لم يسأل عن رضا المضمون له، و أما رضا المضمون عنه فكان غير ممكن، لأنه كان ميتا يدل على أنه لا اعتبار برضاهما، و إذا اعتبرنا رضا المضمون له، فلأنه إثبات حق في الذمة، فلا بد من اعتبار رضاه كسائر الحقوق، و الأول أليق بالمذهب، لأن الثاني قياس، و نحن لا نقول به.
مسألة 3 [انتقال الدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن]
إذا صح الضمان، فإنه ينتقل الدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، و لا يكون له أن يطالب أحدا غير الضامن. و به قال أبو ثور، و ابن أبي ليلى، و ابن شبرمة، و داود «4».
و قال الشافعي و باقي الفقهاء: ان المضمون له مخير في أن يطالب أيهما شاء، و الضمان لا ينقل الدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن «5».
دليلنا: أن النبي صلى اللّٰه عليه و آله قال لعلي عليه السلام لما ضمن الدرهمين عن الميت: «جزاك اللّٰه عن الإسلام خيرا، و فك رهانك كما فككت‌
______________________________
(1) الوجيز 1: 183، و مغني المحتاج 2: 200، و المجموع 14: 13- 14، و المغني لابن قدامة 5: 71، و الشرح الكبير 5: 79.
(2) المجموع 14: 14، و المغني لابن قدامة 5: 71، و الشرح الكبير 5: 79، و البحر الزخار 6: 76.
(3) سنن الدارقطني 3: 78- 79 حديث 291 و 293، و سنن أبي داود 3: 247 حديث 3343، و سنن النسائي 4: 65، و المستدرك على الصحيحين 2: 58، و مختصر المزني: 108.
(4) المحلّى 8: 113، و المجموع 14: 24، و المغني لابن قدامة 5: 82، و بداية المجتهد 2: 292، و البحر الزخار 6: 77.
(5) مختصر المزني: 108، و المجموع 14: 24- 25، و كفاية الأخيار 1: 171، و مغني المحتاج 2: 208، و السراج الوهاج: 243، و الإقناع 2: 176، و المحلّى 8: 113، و المغني لابن قدامة 5: 81- 82، و بداية المجتهد 2: 292، و البحر الزخار 6: 77.


الخلاف، ج‌3، ص: 315‌
رهان أخيك» «1» فدل على أن الميت قد انتقل الحق من ذمته.
و قال عليه السلام لأبي قتادة لما ضمن الدينارين: «هما عليك و الميت منهما بري‌ء، قال: نعم» «2». فدل على أن المضمون عنه يبرأ من الدين بالضمان.
مسألة 4: ليس للمضمون له أن يطالب إلا الضامن.
و قال مالك: لا يجوز له أن يطالب الضامن إلا عند تعذر المطالبة من المضمون عنه، إما بغيبته، أو بإفلاسه، أو بجحوده «3».
و قال الشافعي و باقي الفقهاء: هو بالخيار في مطالبته أيهما شاء «4».
دليلنا: ما ذكرناه في المسألة الأولى سواء، من أن الضمان ينقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، فاذا ثبت ذلك، فليس له أن يطالب إلا من ثبت المال في ذمته.
مسألة 5: إذا ضمن بغير إذن المضمون عنه،
و أدى بغير أمره، فإنه يكون متبرعا، و لا يرجع به عليه. و به قال الشافعي «5».
و قال مالك و أحمد: يرجع به عليه «6».
______________________________
(1) سنن الدارقطني 3: 78 حديث 291- 292، و السنن الكبرى 6: 73، و مختصر المزني: 108.
(2) سنن الدارقطني 3: 79 حديث 293، و سنن النسائي 4: 65، و سنن أبي داود 3: 247 حديث 3343، و السنن الكبرى 6: 74.
(3) بداية المجتهد 2: 292، و بلغة السالك 2: 158، و فتح الرحيم 2: 124- 125، و المجموع 14: 24، و المحلّى 8: 113، و الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10: 233، و المغني لابن قدامة 5: 83، و البحر الزخار 6: 77.
(4) المجموع 14: 24، و كفاية الأخيار 1: 171، و السراج الوهاج: 243، و مغني المحتاج 2: 208، و الإقناع 2: 176، و المغني لابن قدامة 5: 81 و 83، و الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1: 233، و بداية المجتهد 2: 292، و المحلّى 8: 113، و البحر الزخار 6: 77.
(5) المجموع 14: 29، و كفاية الأخيار 1: 172، و الوجيز 1: 185، و مغني المحتاج 2: 210، و السراج الوهاج: 43- 44، و فتح العزيز 10: 389، و المغني لابن قدامة 5: 88، و الشرح الكبير 5: 89.
(6) المغني لابن قدامة 5: 88، و الشرح الكبير 5: 89، و المحلّى 8: 116، و مختصر المزني: 108، و المجموع 14: 29، و فتح العزيز 10: 389.


الخلاف، ج‌3، ص: 316‌
دليلنا: أن عليا عليه السلام و أبا قتادة ضمنا الدينين عن الميتين «1» بغير إذن أحد، فلو كان لهما أن يرجعا عليهما إذا أديا الدينين لم يكن لضمانهما فائدة، و لكان الدين باقيا على الميت كما كان.
مسألة 6: إذا ضمن عنه باذنه، و أدى بغير إذنه،
فإنه يرجع عليه و اختلف أصحاب الشافعي في ذلك.
فقال أبو علي بن أبي هريرة بمثل ما قلناه، و هو اختيار أبي الطيب الطبري «2».
و قال أبو إسحاق: إن أدى عنه مع إمكان الوصول اليه و استئذانه لم يرجع عليه، و إن أدى مع تعذر ذلك رجع عليه «3».
دليلنا: إنا قد بينا أن بنفس الضمان انتقل المال الى ذمته، فاذا انتقل الى ذمته فلا اعتبار باستئذانه في القضاء، و من قال بالخيار و نصر ما قلناه قال: إذنه له في الضمان إذن له في القضاء، فلا يحتاج إلى استئذانه ثانيا.
مسألة 7: يصح ضمان مال الجعالة إذا فعل ما شرط الجعالة له.
و للشافعي فيه وجهان: أحدهما مثل ما قلناه «4».
و الثاني: لا يصح ضمانه «5».
______________________________
(1) سنن الدارقطني 3: 78- 79 حديث 291 و 293، و سنن النسائي 4: 65، و سنن أبي داود 3: 247 حديث 3343، و السنن الكبرى 6: 72- 74، و المستدرك على الصحيحين 2: 58.
(2) المجموع 14: 28 و 30، و المغني لابن قدامة 5: 87، و الشرح الكبير 5: 88.
(3) المجموع 14: 30، و فتح العزيز 10: 390، و المغني لابن قدامة 87، و الشرح الكبير 5: 88.
(4) المجموع 14: 18، و الوجيز 1: 184، و مغني المحتاج 2: 202، و كفاية الأخيار 1: 171، و السراج الوهاج: 241، و فتح العزيز 1: 184، و المغني لابن قدامة 5: 74، و الشرح الكبير 5: 87.
(5) المجموع 14: 18، و كفاية الأخيار 1: 171، و السراج الوهاج: 241، و مغني المحتاج 2: 202، و فتح العزيز 10: 369، و المغني لابن قدامة 5: 74، و الشرح الكبير 5: 87.


الخلاف، ج‌3، ص: 317‌
دليلنا: قوله تعالى «وَ لِمَنْ جٰاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ» «1» و هذا نص.
و قول النبي صلى اللّٰه عليه و آله: «الزعيم غارم» «2» و هذا عام إلا ما أخرجه الدليل.
مسألة 8: يصح ضمان مال المسابقة.
و قال الشافعي: إن جعلناه مثل الإجارة صح ضمان ذلك «3»، و إن جعلناه مثل الجعالة فعلى وجهين «4».
دليلنا: قوله عليه السلام: «الزعيم غارم» «5» و هو على عمومه.
مسألة 9: إذا جنى على حر، فاستحق بالجناية إبلا،
صح ضمانها.
و للشافعي فيه قولان، بناء على القولين في بيعها و إصداقها «6».
دليلنا: قوله عليه السلام: «الزعيم غارم» «7» و هذا زعيم.
و لأنه لا مانع يمنع من صحة ذلك، و الأصل جوازه.
مسألة 10: نفقة الزوجة إذا كانت مستقبلة لا يصح ضمانها.
و للشافعي فيه قولان:
______________________________
(1) يوسف: 72.
(2) سنن الترمذي 3: 565 حديث 1265 و 4: 433 حديث 2120، و مسند أحمد بن حنبل 5: 267 و 293، و سنن ابن ماجة 2: 804 حديث 2405، و السنن الكبرى 6: 72.
(3) المجموع 14: 16- 17، و فتح العزيز 10: 369.
(4) المجموع 14: 16، و فتح العزيز 10: 369، و المغني لابن قدامة 5: 74، و الشرح الكبير 5: 87.
(5) سنن الترمذي 3: 565 حديث 1265 و 4: 433 حديث 2120، و مسند أحمد بن حنبل 5: 267 و 293، و سنن ابن ماجة 2: 804 حديث 2405، و السنن الكبرى 6: 72.
(6) المجموع 14: 18، و الوجيز 1: 184، و السراج الوهاج: 241، و مغني المحتاج 2: 202- 203، و فتح العزيز 10: 371.
(7) سنن ابن ماجة 2: 804 حديث 2405، و سنن الترمذي 3: 565 حديث 1265 و 4: 433 حديث 2120، و مسند أحمد بن حنبل 5: 267 و 293، و السنن الكبرى 6: 72.


الخلاف، ج‌3، ص: 318‌
إذا قال: يلزم النفقة بنفس العقد، صح ضمانها «1».
و إن قال: تجب بالتمكين من الاستمتاع قال: لا يصح «2».
دليلنا: أن النفقة إنما تلزم بالتمكين من الاستمتاع، بدلالة انها متى نشزت سقط نفقتها، فاذا ثبت ذلك فالتمكين من ذلك لم يحصل في المستقبل، فلا يجب به النفقة.
مسألة 11: يصح ضمان الثمن مدة الخيار.
و للشافعي فيه طريقان: أحدهما مثل ما قلناه، و هو الصحيح عندهم «3».
و الثاني: لا يصح، لأنه مثل مال الجعالة، و هو على قولين «4».
دليلنا: أن هذا مال يؤل الى اللزوم، فيصح ضمانه.
و أيضا قوله عليه السلام: «الزعيم غارم» «5».
مسألة 12: يصح ضمان عهدة الثمن إذا خرج المبيع مستحقا،
إذا كان قد سلم الثمن إلى البائع. و به قال أكثر الفقهاء، و المشهور من مذهب الشافعي «6».
و قال أبو العباس بن سريج، و أبو العباس بن القاص: لا يجوز ذلك «7».
______________________________
(1) الوجيز 1: 183، و المجموع 14: 18، و فتح العزيز 10: 363- 364.
(2) المجموع 14: 18، و الوجيز 1: 183، و فتح العزيز 10: 363- 364، و حاشية اعانة الطالبين 3: 78.
(3) المجموع 14: 17، و الوجيز 1: 184، و السراج الوهاج: 241، و مغني المحتاج 2: 202، و كفاية الأخيار 1: 171، و فتح العزيز 10: 369.
(4) الوجيز 1: 184، و كفاية الأخيار 1: 171، و المجموع 14: 17، و السراج الوهاج: 241، و مغني المحتاج 2: 202، و فتح العزيز 10: 369.
(5) سنن الترمذي 3: 565 حديث 1265 و 4: 433 حديث 2120، و مسند أحمد بن حنبل 5: 267 و 293، و سنن ابن ماجة 2: 804 حديث 2405، و السنن الكبرى 6: 72.
(6) الام 3: 230، و الوجيز 1: 183، و المجموع 14: 37، و السراج الوهاج: 241، و مغني المحتاج 2: 201، و كفاية الأخيار 1: 173، و فتح العزيز 10: 365، و حاشية اعانة الطالبين 3: 77، و المغني لابن قدامة 5: 76، و الشرح الكبير 5: 84- 85، و الإقناع 2: 179.
(7) المجموع 14: 37، و فتح العزيز 10: 365، و المغني 5: 76، و الشرح الكبير 5: 84.


الخلاف، ج‌3، ص: 319‌
دليلنا: قوله عليه السلام: «الزعيم غارم» «1» و لم يفصل، و الأصل جواز ذلك، و المنع منه يحتاج إلى دلالة.
و أيضا فإن الاستيثاق من الحقوق جائز، فلا يخلو من أن يكون بالشهادة أو بالرهن أو الضمان، و لا فائدة في الشهادة لأنها ليست وثيقة، و الرهن لا يجوز في هذا الموضع بلا خلاف، لأنه كان يؤدي الى أن يتعطل الرهن أبدا، فلم يبق بعد هذا إلا الضمان، و إلا خلا المال من الوثيقة.
مسألة 13: لا يصح ضمان المجهول،
سواء كان واجبا أو غير واجب، و لا يصح ضمان ما لا يجب، سواء كان معلوما أو مجهولا. و به قال الشافعي، و سفيان الثوري، و ابن أبي ليلى، و الليث بن سعد، و أحمد بن حنبل «2».
و قال أبو حنيفة، و مالك: يصح ضمان ذلك «3».
دليلنا: ما روي عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله أنه نهى عن الغرر «4»،
______________________________
(1) سنن ابن ماجة 2: 804 حديث 2405، و سنن الترمذي 3: 565 حديث 1265 و 4: 433 حديث 2120، و مسند أحمد بن حنبل 5: 267 و 293، و السنن الكبرى 6: 72.
(2) الام 7: 118، و المجموع 14: 19، و الوجيز 1: 184، و كفاية الأخيار 1: 172، و السراج الوهاج 1: 241، و مغني المحتاج 2: 202، و فتح العزيز 10: 370، و حاشية اعانة الطالبين 3: 77، و بداية المجتهد 2: 294.
(3) المجموع 14: 19، و فتح العزيز 10: 370، و بداية المجتهد 2: 294، و البحر الزخار 6: 76.
(4) في المصادر الآتية الذكر نهى النبي صلى اللّٰه عليه و آله عن بيع الغرر. و لم أقف بشمولية الحديث لكل غرر في المصادر المتوفرة، و لعل سقوط كلمة «البيع» هنا في موضع من كتاب الشركة من سهو النساخ، و اللّٰه اعلم بالصواب. انظر بعض مصادر نهي بيع الغرر: صحيح مسلم 3: 1153 حديث 1513، و سنن أبي داود 3: 254 حديث 3376، و سنن الترمذي 3: 532 حديث 1230، و سنن الدارقطني 3: 15 حديث 46 و 47، و سنن الدارمي 2: 251، و سنن ابن ماجة 2: 739 حديث 2194 و 2195، و سنن النسائي 7: 262، و الموطأ 2: 664 حديث 75، و مسند أحمد بن حنبل 1: 302، و السنن الكبرى 5: 338، و دعائم الإسلام 2: 21، و عيون اخبار الرضا 2: 45 حديث 168.


الخلاف، ج‌3، ص: 320‌
و ضمان المجهول غرر، لأنه لا يدري كم قدرا من المال عليه.
و أيضا فلا دليل على صحة ذلك، فمن ادعى صحته فعليه الدلالة.
مسألة 14: يصح الضمان عن الميت،
سواء خلف وفاء أو لم يخلف. و به قال الشافعي، و مالك، و أبو يوسف، و محمد «1».
و قال أبو حنيفة و سفيان الثوري: لا يصح الضمان عن الميت إذا لم يخلف وفاء بمال، أو ضمان ضامن. و إن خلف وفاء بمال، أو ضمان صح الضمان عنه «2».
دليلنا: خبر علي عليه السلام و ابي قتادة و ضمانهما عن الميت «3»، و إجازة النبي صلى اللّٰه عليه و آله ذلك مطلقا من غير فصل، فدل على أن الحكم لا يختلف.
و روي عن أنس بن مالك أنه قال: من استطاع منكم أن يموت و ليس عليه دين فليفعل، فإني رأيت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و قد اتى بجنازة يصلي عليها، فقال: «هل عليه دين»؟ فقالوا: نعم، فقال: «ما تنفعه صلاتي و هو مرتهن بدينه، فلو قام أحدكم فضمن عنه فصليت عليه كانت تنفعه صلاتي» «4».
______________________________
(1) الأم 3: 229 و 231، المجموع 14: 8، و الوجيز 1: 183، و فتح العزيز 10: 358، و المحلّى 8: 112، و بداية المجتهد 2: 294، و الشرح الكبير 5: 83، و بدائع الصنائع 6: 6، و نيل الأوطار 5: 358، و البحر الزخار 6: 76.
(2) الام 7: 118، و المجموع 14: 8، و فتح العزيز 10: 358، و المحلّى 8: 112، و المغني لابن قدامة 5: 73، و بداية المجتهد 2: 294، و نيل الأوطار 5: 358، و بدائع الصنائع 6: 6، و الشرح الكبير 5: 83.
(3) سنن الدارقطني 3: 78- 79 حديث 291 و 293، و سنن أبي داود 3: 247 حديث 3343، و سنن النسائي 4: 65، و السنن الكبرى 6: 72 و 74، و المستدرك على الصحيحين 2: 58.
(4) السنن الكبرى 6: 75.


الخلاف، ج‌3، ص: 321‌
و هذا صريح في جواز ابتداء الضمان بعد موت المضمون عنه.
مسألة 15 [لا يصحّ ضمان العبد الذي لم يؤذن له في التجارة]
إذا ضمن العبد الذي لم يؤذن له في التجارة بغير إذن سيده، لم يصح ضمانه. و به قال أبو سعيد الإصطخري، و حكى ذلك عن ابن سريج «1».
و قال ابن أبي هريرة في تعليقته: يصح. و حكى ذلك عن أبي إسحاق المروزي «2».
دليلنا: قوله تعالى «عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ‌ءٍ» «3» و الضمان شي‌ء، فوجب أن لا يصح، لأنه تعالى إنما نفى حكم ذلك، لا نفس القدرة عليه.
مسألة 16: كفالة الأبدان تصح.
و به قال من الفقهاء أبو حنيفة و غيره، و هو المشهور من مذهب الشافعي «4».
و له قول آخر ذكره المروزي في تعليقته: أنها لا تصح «5».
دليلنا: قوله تعالى «لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلّٰا أَنْ يُحٰاطَ بِكُمْ» «6» فطلب يعقوب منهم كفيلا ببدنه، و قال اخوة يوسف ليوسف:
______________________________
(1) الوجيز 1: 183، و المجموع 14: 9، و فتح العزيز 10: 361، و مغني المحتاج 2: 199، و السراج الوهاج: 240.
(2) المجموع 14: 9، و الوجيز 1: 183، و فتح العزيز 10: 361 و اعانة الطالبين 3: 78، و السراج الوهاج:
240، و مغني المحتاج 2: 199.
(3) النحل: 75.
(4) المجموع 14: 41 و 45، و الوجيز 1: 184، و كفاية الأخيار 1: 173، و مغني المحتاج 2: 203، و السراج الوهاج: 241، و حاشية اعانة الطالبين 3: 78، و النتف 2: 758، و اللباب 2: 100، و الفتاوى الهندية 3: 258، و حاشية رد المحتار 5: 286، و بداية المجتهد 2: 291، و بلغة السالك 2: 164، و المغني لابن قدامة 5: 95، و الشرح الكبير 5: 98، و فتح العزيز 10: 372.
(5) المجموع 14: 44، و كفاية الأخيار 1: 173، و فتح العزيز 10: 373، و المغني لابن قدامة 5: 95، و الشرح الكبير 5: 98، و النتف 2: 758، و بداية المجتهد 2: 291.
(6) يوسف: 66.


الخلاف، ج‌3، ص: 322‌
«إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنٰا مَكٰانَهُ» «1» و ذلك كفالة بالبدن.
و روى أبو إسحاق السبيعي، عن حارثة بن مضرب «2» أنه قال: صليت مع عبد اللّٰه بن مسعود الغداة فلما سلم، قام رجل، فحمد اللّٰه و أثنى عليه، و قال: أما بعد فو اللّٰه لقد بت البارحة- إلى آخر الخطبة «3» فقال-: استتبهم و كفلهم عشائرهم، فاستتابهم فتابوا، و كفلهم عشائرهم «4».
و هذا يدل على إجماعهم على أن الكفالة بالبدن صحيح.
و روى المخالفون لنا: أن عبد اللّٰه بن عمر كان له دين على علي عليه السلام، فكفلت به أم كلثوم ابنته زوجة عمر بن الخطاب «5».
______________________________
(1) يوسف: 78.
(2) حارثة بن مضرب العبدي الكوفي، روى عن علي عليه السلام و عمر و ابن مسعود و خباب بن الأرت، و سلمان الفارسي و غيرهم و عنه أبو إسحاق السبيعي. انظر تهذيب التهذيب 2: 166- 167، و تقريب التهذيب 1: 145.
(3) ذكرها في المجموع 14: 41، و النص فيه: «أما بعد فو اللّٰه لقد بت البارحة و ما في نفسي على أحد احنة، و اني كنت استطرقت رجلا من بني حنيفة و كان أمرني أن آتيه بغلس فانتهيت الى مسجد بني حنيفة، مسجد عبد اللّٰه بن النواحة فسمعت مؤذنهم يشهد أن لا إله إلا اللّٰه، و أن مسليمة رسول اللّٰه، فكذبت سمعي، و كففت فرسي، حتى سمعت أهل المسجد قد تواطأوا على ذلك، فقال عبد اللّٰه بن مسعود: علي بعبد اللّٰه بن النواحة، فحضر و اعترف، فقال له عبد اللّٰه: أين ما كنت تقرأ من القرآن، قال: كنت أتقيكم به، فقال له: تب، فأبى، فأمر به فاخرج الى السوق، فجز رأسه، ثم شاور أصحاب محمد صلى اللّٰه عليه و آله و سلم في بقية القوم، فقال عدي بن حاتم: تؤلول كفر قد أطلع رأسه فاحسمه».
و قال جرير بن عبد اللّٰه، و الأشعث بن قيس: استتبهم فان تابوا كفلهم عشائرهم، فاستتابهم فتابوا، و كفلهم عشائرهم.
(4) قال في المجموع 14: 42 الحديث أخرجه أبو داود من طريق حارثة بن مضرب العبدي الكوفي.
أقول: و أخرجه البيهقي في سننه الكبرى 6: 77 باختلاف يسير في بعض الألفاظ.
(5) ذكر السرخسي في المبسوط 19: 163 كفالة أُم كلثوم أمير المؤمنين عليه السلام فلاحظ.


الخلاف، ج‌3، ص: 323‌
مسألة 17 [إلزام الكفيل إحضار المكفول به عند غيبته]
إذا تكفل ببدن رجل، فغاب المكفول به غيبة يعرف موضعه، ألزم الكفيل إحضاره، و يمهل مقدار زمان ذهابه و مجيئه لإحضاره، فان لم يحضره بعد انقضاء هذه المدة المذكورة حبس أبدا حتى يحضره أو يموت. و به قال جميع من أجاز الكفالة بالبدن «1».
و قال ابن شبرمة: يحبس في الحال و لا يمهل، لأن الحق قد حل عليه «2».
دليلنا: أن من شرط الكفالة إمكان تسليمه، و الغائب لا يمكن تسليمه في الحال، فوجب أن يمهل حتى يمضي زمان الإمكان.
مسألة 18 [زوال الكفالة بموت المكفول به]
إذا تكفل ببدن رجل، فمات المكفول به، زالت الكفالة و برأ الكفيل، و لا يلزمه المال الذي كان عليه. و به قال جميع الفقهاء الذين أجازوا كفالة الأبدان «3».
و قال مالك: يلزمه ما عليه، و اليه ذهب ابن سريج «4».
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، فمن علق عليها شيئا فعليه الدلالة.
و أيضا فإنه تكفل ببدنه دون ما في ذمته، فلا يلزمه تسليم ما لم يتكفل به، و لم‌
______________________________
(1) اللباب 2: 101، و الفتاوى الهندية 3: 258، و المجموع 14: 52، و السراج الوهاج: 242، و مغني المحتاج 2: 205، و فتح العزيز 10: 377- 378، و الوجيز 1: 184، و بداية المجتهد 2: 291، و المغني لابن قدامة 5: 98- 99، و الشرح الكبير 5: 105- 106، و الإقناع 2: 185، و كفاية الأخيار 1: 173، و البحر الزخار 6: 74.
(2) المجموع 14: 52، و المغني لابن قدامة 5: 98، و الشرح الكبير 5: 106، و البحر الزخار 6: 74.
(3) المجموع 14: 46 و 54، و الوجيز 1: 184، و كفاية الأخيار 1: 173، و مغني المحتاج 2: 205، و السراج الوهاج 2: 242، و اللباب 2: 102، و النتف 2: 759، و الفتاوى الهندية 3: 262، و المغني لابن قدامة 5: 105، و الشرح الكبير 5: 104، و الإقناع 2: 185، و البحر الزخار 6: 73، و الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10: 233.
(4) المدونة الكبرى 5: 257، و المجموع 14: 46 و 54، و الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10: 233، و المغني لابن قدامة 5: 105، و الشرح الكبير 5: 104، و البحر الزخار 6: 73.


الخلاف، ج‌3، ص: 324‌
يضمنه.
مسألة 19: إذا رهن شيئا و لم يسلمه،
فتكفل رجل بهذا التسليم صح.
و قال الشافعي: لا يصح «1».
دليلنا: انا قد بينا أن الراهن يجب عليه تسليم الرهن، فصحت الكفالة عنه، و الشافعي بناه على أنه لا يجب عليه تسليمه، و قد بينا خلافه.
______________________________
(1) انظر الام 3: 140- 141، و فتح العزيز 10: 375.
الخلاف، ج‌3، ص: 325‌
[كتاب الشركة]
________________________________________
طوسى، ابو جعفر، محمد بن حسن، الخلاف، 6 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1407 ه‍ ق






المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌2، ص: 322
كتاب الضمان‌
[جواز الضمان و أدلته]
الضمان جائز للكتاب و السنة و الإجماع فالكتاب قول الله- عز و جل- في قصة يوسف عليه السلام «وَ لِمَنْ جٰاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ» «1» و الزعيم الكفيل و يقال: ضمين و كفيل و جميل و صبير و قتيل و ليس لأحد أن يقول: إن الحمل مجهول لا يصح أن يكون كفيلا فيه، و ذلك أن الحمل حمل البعير و هو ستون وسقا عند العرب و أيضا فإنه مال الجعالة و ذلك يصح عندنا ضمانه لأنه يؤول إلى اللزوم و من لم يجز ضمان مال الجعالة و ضمان المال المجهول قال:
أخرجت ذلك بدليل و الظاهر يقتضيه.


المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌2، ص: 323
[القول في شرائط الضمان]
فإذا ثبت صحة الضمان فمن شرطه وجود ثلاثة أشخاص: ضامن و مضمون له و مضمون عنه. فالضامن هو الكفيل بالدين و المتحمل له و المضمون له هو صاحب الدين و المضمون عنه فهو من عليه الدين، و هل من شرط الضمان أن يعلم المضمون له و المضمون عنه أم لا؟ قيل فيه: ثلاثة أوجه:


المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌2، ص: 323
و الضمان ينقل الدين عن ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن و لا يكون المضمون له أن يطالب أحدا غير الضامن و قال قوم: له أن يطالب أيهما شاء من الضامن و المضمون عنه.
إذا كان الضمان مطلقا فله أن يطالب به أى وقت شاء، و إن كان مؤجلا لم يكن له مطالبة الضامن إلا بعد حلول الأجل، و من قال: له مطالبة أيهما شاء يقول: ليس له مطالبة الضامن إلا بعد حلولها، و له أن يطالب المضمون عنه أى وقت شاء.


المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌2، ص: 324
[القول في الحقوق التي يصحّ فيها الضمان]
فأما بيان الحقوق التي يصح فيها الضمان و لا يصح فجملته أن الحقوق على أربعة أضرب: حق لازم مستقر، و حق لازم غير مستقر، و حق ليس بلازم و لا يؤول إلى اللزوم،

المبسوط في فقه الإمامية، ج‌2، ص: 325‌
و حق ليس بلازم و لكنه يؤول إلى اللزوم.
فأما الضرب الأول فهو الذي أمن سقوطه ببطلان أسبابه و ذلك مثل الثمن في البيع بعد تسليم المبيع و المهر بعد الدخول و الأجرة بعد انقضاء المدة فهذه حقوق لازمة مستقرة لأنها لا تسقط ببطلان العقود فهذه يصح ضمانها بلا خلاف.
و أما الضرب الثاني الذي يسقط ببطلان أسبابها مثل ثمن المبيع قبل التسليم، و الأجرة قبل انقضاء الإجارة و المهر قبل الدخول لأنها معرضة للسقوط بتلف المبيع و انهدام الدار المستأجرة و الطلاق قبل الدخول و الارتداد قبل الدخول فهذه الحقوق لازمة غير مستقرة فيصح ضمانها أيضا بلا خلاف.
و أما الضرب الثالث فهو الحق الذي ليس بلازم في الحال و لا يؤول إلى اللزوم و ذلك مثل مال الكتابة لأنه لا يلزم العبد في الحال لأن للمكاتب إسقاطه بفسخ الكتابة للعجز، و لا يؤول إلى اللزوم أيضا لأنه إذا أداه عتق و إذا عتق خرج من أن يكون مكاتبا فلا يتصور أن يلزمه في ذمته مال الكتابة بحيث لا يكون له الامتناع من أدائه فهذا المال لا يصح ضمانه لأن الضمان إثبات مال في الذمة و التزام لأدائه و هو فرع للمضمون عنه فلا يجوز أن يكون ذلك المال في الأصل غير لازم و يكون في الفرع لازما فلهذا منعنا من صحة ضمانه و هذا لا خلاف فيه.
و أما الرابع فهو مال الجعالة فإنه ليس بلازم في الحال لكنه يؤول إلى اللزوم بفعل ما شرط المال له و يصح ضمانه و يلزمه لقوله صلى الله عليه و آله: الزعيم غارم «1» و لقوله تعالى «وَ لِمَنْ جٰاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ» «2».


المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌2، ص: 325
نفقة الزوجة إذا كانت ماضية صح ضمانها‌


المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌2، ص: 326
و أما الأعيان المضمونة مثل المغصوب في يد الغاصب‌




المغني لابن قدامة (4/ 399)
[باب الضمان]
[مسألة ضمن عنه حق بعد وجوبه]
باب الضمان (3570) مسألة؛ قال: (ومن ضمن عنه حق بعد وجوبه، أو قال: ما أعطيته فهو علي. فقد لزمه ما صح أنه أعطاه) . الضمان: ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق. فيثبت في ذمتهما جميعا، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما، واشتقاقه من الضم. وقال القاضي: هو مشتق من التضمين؛ لأن ذمة الضامن تتضمن الحق.
والأصل في جوازه، الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقول الله تعالى: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} [يوسف: 72] . وقال ابن عباس: الزعيم الكفيل. وأما السنة فما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الزعيم غارم» رواه أبو داود، والترمذي. وقال: حديث حسن، وروى البخاري، عن سلمة بن الأكوع، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل ليصلي عليه، فقال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم، ديناران. قال: هل ترك لهما وفاء؟ قالوا: لا، فتأخر، فقيل: لم لا تصل عليه؟ : فقال: ما تنفعه صلاتي وذمته مرهونة؟ ألا إن قام أحدكم فضمنه. فقام أبو قتادة، فقال: هما علي يا رسول الله، فصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -» . وأجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة.
وإنما اختلفوا في فروع نذكرها إن شاء الله تعالى. إذا ثبت هذا، فإنه يقال: ضمين، وكفيل، وقبيل، وحميل، وزعيم، وصبير، بمعني واحد. ولا بد في الضمان من ضامن، ومضمون عنه، ومضمون له. ولا بد من رضى الضامن، فإن أكره على الضمان لم يصح، ولا يعتبر رضى المضمون عنه. لا نعلم فيه خلافا. لأنه لو قضي الدين عنه بغير إذنه ورضاه صح، فكذلك إذا ضمن عنه. ولا يعتبر رضى المضمون له.


المغني لابن قدامة (4/ 409)
ويفارق الضمان الحوالة؛ فإن الضمان مشتق من الضم، فيقتضي الضم بين الذمتين في تعلق الحق بهما وثبوته فيهما.
والحوالة من التحول، فتقتضي تحول الحق من محله إلى ذمة المحال عليه. وقولهم: إن الدين الواحد لا يحل في محلين. قلنا: يجوز تعلقه بمحلين على سبيل الاستيثاق، كتعلق دين الرهن به وبذمة الراهن. وقال أبو بكر عبد العزيز: أما الحي فلا يبرأ بمجرد الضمان، رواية واحدة، وأما الميت ففي براءته بمجرد الضمان، روايتان؛ إحداهما، يبرأ بمجرد الضمان.
نص عليه أحمد، في رواية يوسف بن موسى؛ لما ذكرنا من الخبرين، ولأن فائدة الضمان في حقه تبرئة ذمته؛ فينبغي أن تحصل هذه الفائدة بمجرد الضمان، بخلاف الحي، فإن المقصود من الضمان في حقه الاستيثاق، وثبوته في الذمتين آكد في الاستيثاق. والثانية، لا يبرأ إلا بالأداء؛ لما ذكرناه، ولأنه ضمان، فلا يبرأ به المضمون عنه كالحي.



تحرير الأحكام (ط. ج) - العلامة الحلي (4/ 16)
وهو عقد لازم من جهة الضامن . واشتقاقه إما من الضم بمعنى أن ذمة الضامن ينضم إلى ذمة المضمون عنه ، أو من التضمين ، لأن ذمة الضامن تتضمن الحق ، ويقال : ضمين ، وكفيل ، وقبيل ، وحميل ، وزعيم ، وصبير ، بمعنى واحد . وعبارته : ضمنت ، وتكفلت ، وتحملت ، وما ينبئ عن اللزوم . ولو كتب وانضمت ( إلى كتابه ) ( 1 ) القرينة الدالة ، انعقد الضمان ، وإلا فلا . ولا ينعقد بقوله أؤدي . أو أحضر . ولا يقع إلا منجزا ، فلو علقه بمجيئ الشهر فسد ، بخلاف ما لو نجزه وعلق الأداء . ولا يدخله الخيار . ولو شرط فيه الخيار ، ففي إبطال الضمان إشكال .


جواهر الكلام (26/ 113)
[ 113 ]
كتاب الضمان (الضمان) الذي هو عندنا على ما اعترف به غير واحد منا مشتق من الضمن لانه ينقل ما كان في ذمته من المال، ويجعله في ضمن ذمة اخرى، أو لان ذمة الضامن تتضمن الحق، فالنون فيه اصلية. خلافا لما عن أكثر العامة من انه غير ناقل، وإنما يفيد اشتراك الذمتين، فاشتقاقه من الضم، والنون فيه زائدة، لانه حينئذ ضم ذمة إلى ذمة، فيتخير المضمون له في المطالبة. وفيه ما لا يخفى من منافاة وجود النون في جميع تصاريفهن الا بدعوى اشتقاق ما فيه النون من الخالي عنها، وهو كما ترى. ومن صعوبة تحققه في نحو ضمان النفس، وظهور قوله عليه السلام (1) " الزعيم غارم " في اختصاص الغرم به، ولغير ذلك مما هو في مذهب الخصم، بعد الغض عن عدم تصور شغل ذمتين فصاعدا بمال واحد، وقد بينا أن المشغول به في تعاقب الايدى على المغصوب ذمة واحدة، وهو من تلف في يده المال مثلا، وإن جاز له الرجوع إلى كل واحد، وإلا فهو مناف للمقطوع به من مذهبنا.



المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (5/ 358)
( ض م ن ) : ضمنت المال وبه ضمانا فأنا ضامن وضمين التزمته ويتعدى بالتضعيف فيقال ضمنته المال ألزمته إياه قال بعض الفقهاء الضمان مأخوذ من الضم وهو غلط من جهة الاشتقاق لأن نون الضمان أصلية والضم ليس فيه نون فهما مادتان مختلفتان وضمنت الشيء كذا جعلته محتويا عليه فتضمنه أي فاشتمل عليه واحتوى ومنه ضمن الله أصلاب الفحول النسل فتضمنته أي ضمنته وحوته ولهذا قيل للولد الذي يولد مضمون لأنه من الثلاثي وجاز أن يقال مضمونة لأنه بمعنى نسمة كما قيل ملقوحة والجمع مضامين وتضمن الكتاب كذا حواه ودل عليه وتضمن الغيث النبات أخرجه وأزكاه وضمن ضمنا فهو ضمن مثل زمن زمنا فهو زمن وزنا ومعنى والجمع ضمنى مثل زمنى والضمانة مثل الزمانة وفي ضمن كلامه أي في مطاويه ودلالته .


الأسئلة والأجوبة الفقهية (4/ 430)
المؤلف : أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان (المتوفى : 1422هـ)
باب الضمان
س86: ما هو الضمان لغة واصطلاحًا؟ ومن أين اشتقاقه؟ وما أركانه؟ وما سنده؟ وما هي الوثائق المعتبرة شرعً، وما فائدتها؟
ج: الضمان:مصدرِ ضمنَ الشيءَ ضمانًا، فهو ضَامن وضمين:
إذا كفل به. وقال ابن سيده: ضمن الشيء ضمنًا وضمانًا، وضَمَّنَهُ إياه: كفَّلهُ إياه، وهو مشتق من التضمين؛ لأن ذمة الضامن تتضمَّنُ، قاله القاضي أبو يعلى، وقال ابن عقيل: الضمان مأخوذ من الضمن، فتصير ذمة الضامن في ذمة المضمون عنه. وقيل: هو مشتق من الضم؛ لأن ذمة الضامن تنضم إلى ذمة المضمون، والصواب الأول؛ أن لام الكلمة في الضم ميم، وفي الضمان نون، وشرط صحة الاشتقاق: كون حروف الأصل موجود في الفرع. اهـ. «مُطْلِع».
وشرعًا: التزام ما وجب على غيره مع بقائه، وما قد يجب، غير جزية فيهما.






الموسوعة الفقهية الكويتية (22/ 138)
7 - الرجوع بسبب الأداء ووجود الإذن:
20 - أداء الدين بإذن المدين في الأداء أو في الضمان من أسباب الرجوع على المدين، فمن أذن لغيره بضمان ما عليه من دين أو أذن له بأدائه فأداه قاصدا الرجوع به ثبت له حق الرجوع على المدين، وهذا باتفاق بين المذاهب، مع مراعاة توافر شروط صحة الضمان المعتبرة في كل مذهب، ككون الضامن أهلا للتبرع، وككون الدين ثابتا عند الضمان، وكونه معلوما عند من لا يجيز ضمان المجهول، وكأن يضيف المضمون الضمان إلى نفسه بأن يقول: اضمن عني. كما يقول الحنفية، وغير ذلك من الشروط والاستثناءات.
لكن الفقهاء يختلفون في ثبوت حق الرجوع وعدمه عند ضمان الدين وأدائه دون إذن المدين في الضمان أو في الأداء. فعند الحنفية من أدى


الموسوعة الفقهية الكويتية (22/ 138)
دين غيره دون إذنه فلا يحق له الرجوع بما أدى؛ لأن الكفالة بغير أمر المدين تبرع بقضاء دين الغير فلا يحتمل الرجوع. (1)
أما عند المالكية فإنه يثبت له حق الرجوع لصحة الضمان والأداء دون إذن المدين، وهذا إذا ضمن أو أدى على سبيل الرفق بالمدين، أما إن كان الغرض إضراره بسوء طلبه وحبسه لعداوة بينهما فلا رجوع له على المدين، وإنما يرجع على رب الدين الذي أداه له. (2)
وفصل الشافعية فقالوا: إن انتفى الإذن في الأداء والضمان فلا رجوع له؛ لأنه متبرع في هذه الحالة؛ ولأنه لو كان له رجوع لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على الميت بضمان أبي قتادة. (3)
وإن أذن المدين في الضمان فقط وسكت عن الأداء رجع في الأصح لأنه أذن في سبب الأداء، والثاني: لا يرجع لانتفاء الإذن في الأداء.
21 - ويستثنى من أحقية الرجوع - إذا وجد
__________
(1) البدائع 6 / 13 - 14، وفتح القدير 4 / 303 - 304 ط دار إحياء التراث.
(2) الدسوقي مع الشرح الكبير 3 / 334 - 336
(3) فعن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: سمعت عبد الله بن أبي قتادة يحدث عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل ليصلي عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " صلوا على صاحبكم؛ فإن عليه دينا " قال أبو قتادة: هو علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "




الموسوعة الفقهية الكويتية (42/ 363)
د - الضمان:
10 - الضمان: هو من وسائل التوثيق، وهو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في الالتزام بالحق فيثبت في ذمتهما جميعا.
ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما عند جمهور الفقهاء، ولا جرم أن هذا يزيد الثقة (1) .
والتفصيل في مصطلح (ضمان ف 28، توثيق ف 15)
__________
(1) المغني 4 / 590.



الموسوعة الفقهية الكويتية (28/ 219)
ضمان
التعريف:
1 - يطلق الضمان في اللغة على معان:
أ - منها الالتزام، تقول: ضمنت المال، إذا التزمته، ويتعدى بالتضعيف، فتقول: ضمنته المال، إذا ألزمته إياه.
ب - ومنها: الكفالة، تقول: ضمنته الشيء ضمانا، فهو ضامن وضمين، إذا كفله.
ج - ومنها التغريم، تقول: ضمنته الشيء تضمينا، إذا غرمته، فالتزمه (1)
أما في اصطلاح الفقهاء فيطلق على المعاني التالية:
أ - يطلق على كفالة النفس وكفالة المال عند جمهور الفقهاء من غير الحنفية، وعنونوا للكفالة بالضمان.
ب - ويطلق على غرامة المتلفات والغصوب والتعييبات والتغييرات الطارئة.
ج - كما يطلق على ضمان المال، والتزامه بعقد وبغير عقد.
__________
(1) المصباح المنير للفيومي، والقاموس المحيط للفيروزآبادي مادة: (ضمن) .



الموسوعة الفقهية الكويتية (28/ 220)
د - كما يطلق على وضع اليد على المال، بغير حق أو بحق على العموم.
هـ - كما يطلق على ما يجب بإلزام الشارع، بسبب الاعتداءات: كالديات ضمانا للأنفس، والأروش ضمانا لما دونها، وكضمان قيمة صيد الحرم، وكفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة الإفطار عمدا في رمضان.
وقد وضعت له تعاريف شتى، تتناول هذه الإطلاقات في الجملة، أو تتناول بعضها، منها:
أ - أنه (عبارة عن رد مثل الهالك، إن كان مثليا، أو قيمته إن كان قيميا) (1) .
ب - وأنه (عبارة عن غرامة التالف) (2) .
ج - وبالمعنى الشامل للكفالة - كما يقول القليوبي -: إنه التزام دين أو إحضار عين أو بدن (3) .
د - وفي مجلة الأحكام العدلية أنه إعطاء مثل الشيء إن كان من المثليات وقيمته إن كان من القيميات (4) .
هـ - وعند المالكية: (شغل ذمة أخرى بالحق) (1) .
__________
(1) غمز عيون البصائر للحموي شرح الأشباه والنظائر، لابن نجيم الحنفي 4 / 6 ط. دار الكتب العلمية في بيروت.
(2) نيل الأوطار للشوكاني، شرح منتقى الأخبار، لابن تيمية الجد 5 / 299.
(3) حاشية القليوبي على شرح المحلي على المنهاج 2 / 323.
(4) المادة: 416.




الموسوعة الفقهية الكويتية (18/ 121)
حمالة
التعريف:
1 - الحمالة بفتح الحاء هي الدية والغرامة التي يتحملها الإنسان عن غيره، ويقال: حمال أيضا وجمعها حمالات وحمل (1) .
وفي الاصطلاح: ما يتحمله الإنسان، ويلتزمه في ذمته بالاستدانة ليدفعه في إصلاح ذات البين، مثل أن تقع حرب بين فريقين تسفك فيها الدماء، ويتلف فيها نفس أو مال، فيسعى إنسان في الإصلاح بينهم، ويتحمل الدماء التي بينهم والأموال (2) .

الألفاظ ذات الصلة:
الكفالة:
2 - الكفالة في اللغة: بمعنى الضم، ومنه قوله تعالى
__________
(1) لسان العرب المحيط، والصحاح في اللغة والعلوم، ومتن اللغة والمصباح المنير مادة " حمل ".
(2) شرح النووي لصحيح مسلم 7 / 133 ط المطبعة الأزهرية، والمغني لابن قدامة 6 / 433 ط مطبعة الرياض الحديثة، وسبل السلام 2 / 298 ط دار الكتاب العربي، ونيل الأوطار 4 / 168 ط القاهرة، ولسان العرب المحيط مادة " حمل ".


الموسوعة الفقهية الكويتية (18/ 122)
{وكفلها زكريا} (1) أي ضمها إليه وألزمه كفالتها. وقوله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى (2) أي الذي يضمه إليه في التربية. ويسمى النصيب كفلا، لأن صاحبه يضمه إليه.
وأما في الاصطلاح فالكفالة عند الحنفية: ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة مطلقا أي: سواء كان بنفس أو بدين أو عين كالمغصوب ونحوه. فالكفيل والضمين، والقبيل، والحميل، والغريم بمعنى واحد.
ويرى المالكية، والشافعية في المشهور، والحنابلة أن الكفالة هي أن يلتزم الرشيد بإحضار بدن من يلزم حضوره في مجلس الحكم. فالحنفية يطلقون الكفالة على كفالة المال والوجه، والمالكية والشافعية يقسمون الضمان إلى ضمان المال وضمان الوجه. ويطلق الشافعية الكفالة على ضمان الأعيان البدنية.
وأما عند الحنابلة: فالضمان يكون التزام حق في ذمة شخص آخر، والكفالة التزام بحضور بدنه إلى مجلس الحكم (3) .
__________
(1) سورة آل عمران / 37.
(2) حديث: " أنا وكافل اليتيم في الجنة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 46 - ط السلفية) من حديث سهل بن سعد.
(3) ابن عابدين 4 / 249 ط دار إحياء التراث العربي، والاختيار لتعليل المختار 2 / 166، 167 ط دار المعرفة والقوانين الفقهية / 330، وروضة الطالبين 4 / 240 وما بعدها، و4 / 253، وقليوبي وعميرة 2 / 327، والمغني 4 / 590، 591، ونيل الأوطار 1 / 377 ط القاهرة، ولسان العرب، والمصباح المنير مادة: " حمل، كفل، ضمن " والفروق في اللغة / 201 ط دار الآفاق الجديدة.



الموسوعة الفقهية الكويتية (18/ 122)
الضمان:
3 - الضمان في اللغة: من ضمن المال وبه ضمانا أي التزمه. وفي الاصطلاح: هو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق. والفرق بين الضمان والحمالة، هو أن الحمالة ضمان الدية وغيرها لإصلاح ذات البين، والضمان يكون في ذلك وفي غيره، فالضمان أعم من الحمالة (1) .




الموسوعة الفقهية الكويتية (14/ 141)
د - الضمان والكفالة:
15 - الضمان والكفالة قد يستعملان بمعنى واحد، وقد يستعمل الضمان للدين والكفالة للنفس، وهما مشروعان للتوثيق. إذ فيه ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل على وجه التوثيق، والأصل في ذلك قول الله تعالى: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم (1) } .
وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل ليصلي عليه، فقال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم ديناران، قال: هل ترك لهما وفاء؟ قالوا: لا، فتأخر فقيل: لم لا تصلي عليه؟ فقال: ما تنفعه صلاتي وذمته مرهونة إلا إن قام أحدكم فضمنه. فقام أبو قتادة فقال: هما علي يا رسول الله فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم (2) ؛
ولأن الكفالة تؤمن الدائن عن التوى بإفلاس من عليه الدين فإن الفقهاء متفقون على أنه إذا أعدم المضمون أو غاب أن الضامن يغرم المال. وإذا حضر الضامن والمضمون وهما موسران قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: للطالب أن يطالب من شاء منهما؛ لأن الحق ثابت في ذمة الضامن فملك مطالبته كالأصيل وهو أحد قولين لمالك.
وفي قوله الآخر: ليس له أن يطالب الكفيل مع وجود الأصيل إلا إذا تعذرت مطالبة الأصيل؛ لأن الكفالة للتوثق فلا يستوفى الحق من الكفيل إلا عند تعذر استيفائه من الأصيل كالرهن (1) .
هذا وشروط الضمان ومن يصح منه وما يصح به وغير ذلك ينظر في مصطلحي: (كفالة وضمان) .
__________
(1) سورة يوسف / 72.
(2) حديث سلمة بن الأكوع: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل ليصلي عليه. أخرجه البخاري (الفتح 4 / 466 - ط السلفية) .
__________
(1) المبسوط 19 / 1160 21 / 69، والقرطبي 9 / 225، والبدائع 6 / 4 - 11، وابن عابدين 4 / 249، والمغني 4 / 590 - 605، وجواهر الإكليل 2 / 111، وأشباه السيوطي / 308.





الموسوعة الفقهية الكويتية (18/ 170)
ألفاظ ذات صلة:
أ - الكفالة أو الضمان:
4 - الكفالة أو الضمان لغة: الالتزام بالشيء. (1) وفي الاصطلاح: ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق
. (2) والفرق بين الحوالة والكفالة أو الضمان: أن الحوالة نقل للدين من ذمة إلى ذمة أخرى، أما الكفالة أو الضمان فهو ضم ذمة إلى ذمة في الالتزام بالحق فهما متباينان، لأن بالحوالة تبرأ ذمة المحيل، وفي الكفالة لا تبرأ ذمة المكفول.

ب - الإبراء:
5 - الإبراء لغة: التنزيه والتخليص والمباعدة عن الشيء. واصطلاحا: إسقاط الشخص حقا له في ذمة آخر أو قبله. (3)
والفرق بين الحوالة والإبراء، أن الحوالة نقل للحق من ذمة إلى ذمة، والإبراء إسقاط للحق.

الحكم التكليفي:
6 - الحوالة بالدين مشروعة يدل لذلك ما يأتي:



الموسوعة الفقهية الكويتية (21/ 125)
حكم التوثيق بالرهن:
56 - ذهب جماهير الفقهاء إلى أن توثيق الدين بالرهن غير واجب، وأن الأمر به في الآية للإرشاد (2) . قال ابن قدامة: " والرهن غير واجب، لا نعلم فيه مخالفا؛ لأنه وثيقة بالدين، فلم يجب كالضمان والكتابة، وقول الله تعالى: {فرهان مقبوضة} (3) إرشاد لنا لا إيجاب علينا، بدليل قوله تعالى: {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته} (4) ؛ ولأنه أمر به عند إعواز الكتابة، والكتابة غير واجبة، فكذا بدلها (5) ".

د - توثيق الدين بالكفالة:
57 - اختلف الفقهاء في حقيقة كفالة الدين على أربعة أقوال:
1 - فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنها " ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المكفول في الالتزام بالدين، فيثبت في ذمتهما جميعا، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما (1) ". وشغل الدين الواحد ذمتين على سبيل التعلق والاستيثاق، كتعلق دين الرهن به وبذمة الراهن (2) ، وأنه كفرض الكفاية، يتعلق بالكل ويسقط بفعل البعض. وتعلقه هذا لا يعني تعدده؛ لأنه في الحقيقة واحد. . وما التعدد إلا بالنسبة لمن تعلق بهم فقط (3) . وعلى هذا فلا زيادة في الدين؛ لأن الاستيفاء لا يكون إلا من واحد منهما (4) .
2 - وذهب المالكية إلى أنها " ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المكفول في الالتزام بالدين " إلا أنهم قالوا: ليس للمكفول له أن يطالب الكفيل بالدين إلا إذا تعذر عليه الاستيفاء من الأصيل؛ لأن الضمان وثيقة، فلا يستوفى الحق منها إلا عند العجز عن استيفائه من المدين، كالرهن (5) .
3 - وذهب الحنفية إلى أنها ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في وجوب الأداء، لا في وجوب الدين؛ لأن ثبوت الدين في الذمة اعتبار شرعي لا يكون إلا بدليل، ولا دليل على ثبوته في ذمة الكفيل؛ لأن التوثيق يحصل بالمشاركة في وجوب الأداء من غير حاجة إلى إيجاب الدين في الذمة، كالوكيل بالشراء يطالب بالثمن، والثمن في ذمة الموكل وحده، وعلى هذا عرفوها بأنها " ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة (1) ".
4 - وذهب ابن أبي يعلى وابن شبرمة وأبو ثور وأحمد في رواية عنه إلى أن الدين ينتقل بالكفالة إلى ذمة الكفيل - كما في الحوالة - فلا يكون للدائن أن يطالب الأصيل (2) .
وعلى أية حال، فسواء أكانت كفالة الدين معناها ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المكفول في الالتزام بالدين، أم في المطالبة فقط، أم انتقال الدين من ذمة المكفول إلى ذمة الكفيل فإنها تقتضي باتفاق الفقهاء التزام الكفيل بأداء الدين إلى الدائن إذا تعذر عليه استيفاؤه من الأصيل، وذلك هو معنى التوثيق وفائدته وثمرته.




الموسوعة الفقهية الكويتية (23/ 176)
الألفاظ ذات الصلة:
الضمان:
2 - وهو في اللغة الالتزام (1) .
وشرعا هو التزام بحق ثابت في ذمة الغير، أو بإحضار من عليه الحق، ويسمى الملتزم ضامنا، وكفيلا، وقال الماوردي: إن العرف جار باستعمال لفظ الضمان في الأموال والكفالة في النفوس (2) .
والفرق بينهما: أن كلا من الرهن والضمان عقد وثيقة للدين، لكن الضمان يكون ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة، أما الرهن فلا بد من تقديم عين مالية يستوفى منها الدين عند عدم القدرة على الوفاء.


الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 287)
كفالة
التعريف:
1 - الكفالة لغة: من كفل المال وبالمال: ضمنه وكفل بالرجل يكفل ويكفل كفلا وكفولا، وكفالة، وكفل وكفل وتكفل به كله: ضمنه، وأكفله إياه وكفله: ضمنه، وكفلت عنه المال لغريمه وتكفل بدينه تكفلا.
وفي التهذيب: وأما الكافل فهو الذي كفل إنسانا يعوله وينفق عليه، وفي الحديث: {الربيب كافل (1) » ، وهو زوج أم اليتيم، كأنه كفل نفقة اليتيم، والمكافل: المعاقد المحالف، والكفيل من هذا أخذ (2) .
وأما الكفالة في الاصطلاح: فقد اختلف الفقهاء في تعريف الكفالة تبعا لاختلافهم فيما يترتب عليها من أثر.
فعرفها جمهور الحنفية بأنها: ضم ذمة
__________
(1) حديث: " الربيب كافل " أورده ابن الأثير في النهاية (2 / 181) بلفظ: (الراب كافل) ، ولم نهتد لمن أخرجه من المصادر الحديثية.
(2) تاج العروس، لسان العرب، المصباح المنير.


الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 288)
الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة بنفس أو دين أو عين.
وعرفها بعضهم بأنها: ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في الدين.
قال في الهداية: والأول هو الأصح (1) .
ويرى المالكية والشافعية في المشهور والحنابلة أن الكفالة هي: أن يلتزم الرشيد بإحضار بدن من يلزم حضوره في مجلس الحكم.
فالحنفية يطلقون الكفالة على كفالة المال والوجه، والمالكية والشافعية يقسمون الضمان إلى ضمان المال وضمان الوجه، ويطلق الشافعية الكفالة على ضمان الأعيان البدنية.
وأما عند الحنابلة: فالضمان يكون التزام حق في ذمة شخص آخر، والكفالة التزام بحضور بدنه إلى مجلس الحكم.
ويسمى الملتزم بالحق ضامنا وضمينا وحميلا وزعيما وكافلا وكفيلا وصبيرا وقبيلا وغريما، غير أن العرف جار بأن الضمين يستعمل في الأموال، والحميل في الديات، والزعيم في الأموال العظام، والكفيل في النفوس، والقبيل والصبير في الجمع (2) .
__________
(1) بدائع الصنائع 4 / 2، وفتح القدير 6 / 283، 284، والمبسوط 19 / 160، 161، وقارن ابن عابدين في حاشية رد المحتار 5 / 281 - 283.
(2) ابن عابدين 4 / 249، وبدائع الصنائع 6 / 2، والاختيار 2 / 166، والقوانين الفقهية 330، وروضة الطالبين 4 / 240 والشرح الصغير 4 / 429، ومغني المحتاج 2 / 198، وقليوبي وعميرة 2 / 333 والمغني مع الشرح الكبير 5 / 71، والمغني 4 / 590.


الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 289)
والفرق بين الحوالة والكفالة أو الضمان: أن الحوالة نقل للدين من ذمة إلى ذمة أخرى، أما الكفالة أو الضمان فهو ضم ذمة إلى ذمة في الالتزام بالحق، فهما متباينان؛ لأن بالحوالة تبرأ ذمة المحيل، وفي الكفالة لا تبرأ ذمة المكفول.

د - القبالة:
5 - القبالة في الأصل مصدر قبل به إذا كفل، وقبل إذا صار كفيلا، وتقبل له: تكفل، والقبيل: الكفيل (2) .
وكثير من الفقهاء يستعمل لفظ القبالة بمعنى الكفالة ووزنه، ولكن بعضهم خص الكفالة بالنفس أو العين، وعمم القبالة في المال والدية والنفس والعين (3) .
والقبالة عند بعض الفقهاء أعم من الكفالة.


الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 301)
وذهب أبو حنيفة إلى أنه يشترط في المكفول عنه أن يكون قادرا على الوفاء بالمكفول به إما بنفسه وإما بنائبه، فلا يصح عنده ضمان ميت مدين توفي لا عن تركة ولا عن كفيل بالدين؛ لأن الميت في هذه الحال عاجز عن الوفاء، غير أهل للمطالبة، والضمان: ضم ذمة إلى ذمة في الدين أو في المطالبة، ولا دين هنا ولا مطالبة لأنه بالوفاة عن غير مال ولا كفيل تصير ذمته خربة وغير صالحة لأن تشغل بدين، وعنده أن الحديث المتقدم يحمل على الإقرار بكفالة سابقة لا على إنشائها، أو أنه وعد بالتبرع وهو جائز عن الميت (1) .



الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 303)
القول - بما سيكون من دين موعود به، وما ذهب إليه الشافعي - في الجديد - من عدم صحة الكفالة بالدين قبل ثبوته، يرجع إلى أن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في الدين، والدين قبل ثبوته لا تشغل به ذمة، فلا يتحقق معنى الكفالة (1) .
واتفق الفقهاء على صحة الكفالة بالدرك - رغم أنه لم يثبت ولم يلزم - لأن الحاجة تدعو إليه، وعلى ذلك يجوز أن يضمن شخص لأحد العاقدين ما بذله للآخر إن خرج مقابله مستحقا أو معيبا أو ناقصا ورد، سواء كان ذلك قبل قبض الثمن أو كان بعده.
والمذهب عند الشافعية: أن ضمان الدرك إنما يصح بعد القبض؛ لأنه إنما يضمن ما دخل في يد البائع، ولا يدخل الثمن في ضمانه إلا بقبضه، وضمان الدرك أن يضمن للمشتري الثمن إن خرج المبيع مستحقا، أو إن أخذ بشفعة سابقة على البيع ببيع آخر، ولا يختص ضمان الدرك بالثمن بل يجري في المبيع فيضمنه للبائع إن خرج الثمن المعين مستحقا أو أخذ بشفعة سابقة (2) .
__________
(1) تحفة المحتاج وحواشيها 5 / 217، والشرقاوي على التحرير 2 / 102، والقليوبي وعميرة 2 / 325 - 326.
(2) فتح القدير 6 / 298، وبداية المجتهد 2 / 294، والشرقاوي على التحرير 2 / 121 - 122، والمغني 5 / 76 - 78، ومغني المحتاج 2 / 201.




كفاية النبيه في شرح التنبيه (10/ 107)
المؤلف: أحمد بن محمد بن علي الأنصاري، أبو العباس، نجم الدين، المعروف بابن الرفعة (المتوفى: 710هـ)
فرع: لو احتال على شخص بشرط أن يعطيه المحال عليه بالحق رهناً، حكى الماوردي في أواخر كتاب الرهن في صحة ذلك وجهين، وأنهما مبنيان على أنها بيع أو عقد إرفاق؟ فإن قلنا: إنها بيع جاز، وإلا فالشرط باطل، وفي بطلان الحوالة وجهان.
وقال هاهنا: إن الخلاف مبني على أنها بيع عين بدين أو بيع دين بدين؟ فإن قلنا بالأول صح اشتراط الرهن، وإن قلنا بالثاني فلا يصح.
وكذا الخلاف يجري فيما لو شرط أن يكون به ضامن - كما حكاه الإمام عن تخريج ابن سريج - فيجوز على القول [بأنها بيع، ويمتنع على القول] بأنها استيفاء.
قال: وإذا صحت الحوالة برئت ذمة المحيل، وصار الحق في ذمة المحال عليه.
قال الماوردي: وهذا إجماع.
وفي "تعليق" القاضي أبي الطيب وغيره أن زفر قال: لا يبرأ؛ كما لا يبرأ الضامن.
ودليلنا: أن الحوالة مشتقة من التحويل؛ ينبغي أن يعطي اللفظ حقه من الاشتقاق، وليس كذلك الضمان؛ فإن اشتقاقه من انضمام ذمة إلى ذمة أخرى؛ فلذلك تعلق الحق بذمة الضامن وذمة المضمون عنه، كذا قاله القاضي.
وفي كلام الإمام في باب الضمان ما يمنع ما ادعاه من الاشتقاق؛ فإنه قال: وغلط من ظن أن الضمان من الضم؛ فإن النون أصلية في "الضمان" شهدت لها التصاريف، نعم فيه معنى الضم.
وأيضاً: فإن المحتال لو أبرأ المحيل بعد الحوالة لم يبرأ المحال عليه، و [لو] لم ينتقل الحق، وكان المحال عليه كالضامن لبرئ.


ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (35/ 302)
المؤلف: محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الكَفِيل، والضَمِين، والقَبِيل، والحَمِيل، والزَعِيم، والصَبِير، كلها بمعنى واحد.
قَالَ فِي "المغني": الضمان: ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه، فِي التزام الحق، فيثبت فِي ذمتهما جميعا، ولصاحب الحق مطالبة منْ شاء منهما، واشتقاقه منْ الضم، وَقَالَ القاضي: هو مشتق منْ الضمين؛ لأن ذمة الضامن تتضمن الحق.


ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (35/ 306)
ويفارق الضمان الحوالة، فإن الضمان مشتق منْ الضم، فيقضي الضم بين الذمتين، فِي تعلق الحق بهما، وثبوته فيهما، والحوالة منْ التحول، فتقتضي تحول الحق منْ محله إلى ذمة المحال عليه،



التلخيص الحبير ط العلمية (3/ 116)
المؤلف: أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ)
كتاب الضمان
مدخل
...
كتاب الضمان1
1251 - حديث أبي أمامة العارية مردودة والدين مقضي والزعيم غارم أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي وفيه إسماعيل بن عياش رواه عن شامي وهو بن حنبل بن مسلم سمع أبا أمامة وضعفه ابن حزم بإسماعيل ولم يصب وهو عند الترمذي في الوصايا أتم سياقا واختصره ابن ماجه هنا2، وله في النسائي طريقان من رواية غيره إحداهما من طريق أبي عامر الوصابي والأخرى من طريق حاتم بن حريث كلاهما عن أبي أمامة1، وصححه ابن حبان من طريق حاتم هذه وقد وثقه عثمان الدارمي2.
تنبيه أكثر ألفاظهم العارية مؤداة وفي لفظ بعضهم زيادة والمنيحة مردودة ولم أره عندهم بلفظ العارية مردودة كما كرره المصنف.
__________
1 الضمان لغة: مصدر ضمن الشيء ضمانا، فهو ضامن وضمين: إذا كفل به، وقال ابن سيده: ضمن الشيء ضمنا، وضمانا، وضمته إياه، كفله إياه، وهو: مشتق من التضمن: لأن ذمة الضامن تتضمن، قاله القاضي أبو يعلى.
وقال ابن عقيل: الضمان مأخوذ من الضمن، فتصير ذمة الضامن في ذمة المضمون عنه.
وقيل: هو مشتق من الضم؛ لأن ذمة الضامن تنضم إلى ذمة المضمون عنه، والصواب: الأول؛ لأن لام الكلمة في الضم ميم، وفي الضمان نون، وشرط الاشتقاق كون حروف الأصل موجودة في الفرع.
فالضمان في اللغة: الحفظ، ويقال له: ضمان وحمالة وكفالة قال الله تعالى: {وكفلها زكريا} آل عمران: 37، وقال صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" ويقال له أيضا: زعامة وأذانة وقبالة. قال الله تعالى: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} يوسف 72، أي: كفيل وضامن، والزعيم من الزعامة، وهي السيادة، فكان الضامن بكفالته، صار له على المكفول سيادة، والأذين من الأذانة بمعنى الإيحاب، لأن الضامن أوجب على نفسه، أو الإذن، وهو الإعلام، لأن الكفيل أعلم بأن الحق في جهته، والقبيل في القبالة، وهي الحفظ، ولذلك سمي الصك قبالا؛ لأنه يحفظ الحق، ويسمى الكفيل قبيلا، لأنه يحفظه أيضا.
قال صاحب مختار الصحاح والقبيل الكفيل. وتقول العرب: هو كفيل بكذا وحميل، وزعيم، وأذين بمعنى ضمين. انظر: تحرير التنبيه 277، ولسان العرب 4/2610.
اصطلاحا:
عرفه الأحناف بأنه: الكفالة، وهي: ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة.
وعرفه الشافعية بأنه: التزام ما في ذمة الغير من المال.
وعرفه المالكية بأنه: شغل ذمة أخرى بالحق.
وعرفه الحنابلة بأنه: التزام من يصح تبرعه.
انظر: شرح فتح القدير 7/163، المحلى على المنهاج 2/323، مواهب الجليل 5/96، الإقناع 2/37، كشاف القناع 3/362، أسهال المدارك 3/19.
2 أخرجه أبو داود 3/824، كتاب البيوع والإجارات: باب في تضمن العارية حديث 3565، والترمذي 3/565، كتاب البيوع: باب العارية مؤداه حديث 1265، وابن ماجة 2/804، كتاب الصدقات: باب الكفالة حديث 2405، وأحمد 5/267، والطيالسي 1126، وعبد الرزاق 8/173، رقم 14767، وابن أبي شيبة 7/200، وابن الجارود في المنتقى رقم 1023، والدارقطني 3/41، كتاب البيوع: حديث 166، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 2/281، والبيهقي 6/88، كتاب العارية: باب العارية مؤداه والقضاعي في مسند الشهاب 1/64، والبغوي في شرح السنة 4/369 - بتحقيقنا، كلهم من طريق إسماعيل بن عياش ثنا شرحبيل بن مسلم=== قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة الوداع: "العارية مؤداه والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم".
وقال الترمذي: حديث حسن.




تشنيف المسامع بجمع الجوامع (1/ 409)
المؤلف: أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي الشافعي (المتوفى: 794هـ)
واعلم أن الاشتقاق ثلاثة أقسام:
أصغر: وهو اتفاق اللفظين في الحروف والترتيب، نحو: نصر ونصير.
وصغير: ويسمى أوسط: وهو اتفاقهما في الحروف دون الترتيب، نحو: جبذ وجذب.
وأكبر: وهو اتفاقهما في بعض الحروف دون بعض، نحو: ثلم وثلب. ومنه قولهم: الضمان مشتق من الضم، فيظهر أنه يعتبر في الأول موافقة المعنى والحروف الأصلية مع الترتيب، وفي الأخيرين المناسبة فقط، فإن أراد المصنف تعريف الأصغر فليزد قيد الترتيب، وأجاب بأن المراد الأصغر، ولا حاجة لقيد الترتيب، فإنه إن لم يكن على ترتيبه لم يناسبه، فإن قيل: المناسبة أعم، قلنا: لا نسلم.
ص: (ولا بد من تغيير).
ش: أي: بين اللفظين بزيادة أو نقصان أو بهما في حرف أو حركة أو فيهما، والتغيير المعنوي إنما يحصل بطريق التبع، وهذا أحسن من قول ابن الحاجب، وقد يراد بتغيير ما. فإنه يوهم أنه من تمام الحد، وإنما هو شرط ذكر تمهيدا للقسمة التي ذكروها إلى خمسة عشر صورة فصاعدا لا قيدا، وقيل: المراد بالتغيير: المعنوي،



التحبير شرح التحرير (2/ 557)
وبعضهم يقول: (اتفاق اللفظين في بعض الحروف) .
وبعضهم يقول: (المساواة في أكثر الأصول) .
ومن هذا قول الفقهاء: الضمان مشتق من الضم؛ لأنه ضم ذمة إلى أخرى، فلا يعترض بأنهما مختلفان في بعض الأصول؛ لأن النون ليست في الضم، والضمان ليس متحد العين واللام بخلاف الضم، وهذا عليه أكثر الأصحاب؛ أعني: أنه مشتق من الضم والانضمام.
قال أبو حيان: (ولم يقل به يعني: بالاشتقاق الأكبر من النحاة إلا أبو الفتح، والصحيح أنه غير معول عليه لعدم اطراده) انتهى.



إعلام الموقعين عن رب العالمين ت مشهور (5/ 391)
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية (المتوفى: 751 هـ)
[اختلاف الفقهاء في الضمان]
المثال الرابع (1) والستون: اختلف الفقهاء في الضمان (2)، هل هو تعدد لمحل الحق وقيام للضمين مقام المضمون عنه أو هو استيثاق بمنزلة الرهن؟ على قولين، وهما روايتان عن مالك (3)، يظهر أثرهما في مطالبة الضامن مع التمكن من مطالبة المضمون عنه، فمن قال بالقول الأول -وهم الجمهور- قالوا: لصاحب الحق مطالبة مَنْ شاء منهما على السواء، ومن قال بالقول الثاني (4) قال: ليس له مطالبة الضامن إلا إذا تعذر عليه مطالبة المضمون عنه، واحتج هؤلاء بثلاث حجج:
إحداها (5): أن الضامن فرع، والمضمون عنه أصل، وقاعدة الشريعة أن الفروع والأبدال لا يصار إليها إلا عند تعذر الأصول كالتراب (6) في الطهارة والصوم في كفارة اليمين، وشاهد الفرع مع شاهد الأصل. [وقد اطرد هذا في ولاية النكاح واستحقاق الميراث] (7) لا يلي فرع (8) مع أصله ولا يرث معه.
الحجة (9) الثانية: أن الكفالة توثقه وحفظ للحق، فهي جارية مجرى الرهن، ولكن ذاك رهن عين وهي رهن ذمة أقامها الشارع (10) مقام رهن الأعيان للحاجة إليها واستدعاء المصلحة لها. والرهن لا يستوفى منه إلا مع تعذر الاستيفاء من الراهن، فكذا الضمين. ولهذا كثيرًا ما يقترن الرهن والضمين لتواخيهما وتشابههما وحصول الاستيثاق بكل منهما.
__________
(1) في (ك) و (ق): "الثاني".
(2) الضمان هو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق. قال الماوردي: غير أن العرف جار بأن الضمين مستعمل في الأموال والحميل في الديات والزعيم في الأموال العظام والكفيل في النفوس والصبير في الجميع.
انظر: "تحرير ألفاظ التنبيه" (203)،، أنيس الفقهاء" (223)، "مغني المحتاج" (2/ 298).
(3) "المعونة" (2/ 11231)، "التفريع" (2/ 286)، "الكافي" (398 - 399)، "جامع الأمهات" (391)، "الإشراف" (3/ 61 مسألة 918)، وتعليقي عليه، وفي (ق): "هما" دون واو.
(4) وهو قول ابن أبي ليلى وداود وابن شبرمة وأبي ثور انظر "الإشراف" (3/ 61 مسألة 918) و"المحلى" (8/ 113)، "تنقيح التحقيق" (3/ 35 مسألة 535)، "حلية العلماء" (5/ 58).
(5) في (ك) و (ن): "أحدها".
(6) في (ك): "كتراب".
(7) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(8) في (ك): "فرعًا".
(9) في (ق): "والحجة".
(10) في (ن) و (ق): "الشرع".



إعلام الموقعين عن رب العالمين ت مشهور (5/ 392)
الحجة الثالثة: أن الضامن في الأصل لم يوضع لتعدد محل الحق كما لم يوضع لنقله، وإنما وضع ليحفظ صاحب الحق حقه من التّوَى (1) والهلاك، ويكون له محل يرجع إليه عند تعذر الاستيفاء من محله الأصلي، ولم ينصب الضامن نفسه لأن يطالبه المضمون له مع وجود الأصيل ويُسْرَته والتمكن [من مطالبته] (2). والناسُ يستقبحون هذا، ويعدون فاعله متعديًا، ولا يعذرونه بالمطالبة، حتى إذا تعذر عليه مطالبة الأصيل عذروه بمطالبة الضامن وكانوا عَوْنًا له عليه، وهذا أمر مستقر في فطر الناس ومعاملاتهم بحيث لو طالب الضامن والمضمون عنه إلى جانبه والدراهم في كمه وهو متمكن من مطالبته لاستقبحوا ذلك غاية الاستقباح. وهذا القول في القوة كما ترى، وهو رواية ابن القاسم في الكتاب عن مالك (3). ولا ينافي هذا قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الزعيم غارم" (4) فإنه لا عموم له، ولا يدل على أنه غارم في جميع الأحوال، ولهذا لو أدّى الأصيلُ لم يكن غارمًا، ولحديث (1) أبي قتادة (2) في ضمان دين الميت لتعذر مطالبة الأصيل.

[ليس الضمان مشتقًا من الضم]
ولا يصح الاحتجاج [بأن] (3) الضمان مشتق من الضم فاقتضى لفظه ضم إحدى الذمتين إلى الأخرى لوجهين:
أحدهما: أن الضم من المضاعف، والضمان من الضمين (4)، فمادتهما مختلفة ومعناهما مختلف وإن تشابها لفظًا ومعنى في بعض الأمور.
الثاني: أنه لو كان مشتقًا من الضم فالضم قدر مشترك بين ضم يطالبُ معه استقلالًا وبدلًا، والأعم لا يستلزم الأخص (5).
__________
(1) "التوى: [هو] الهلاك، [فالعطف في كلام المؤلف للتفسير]، كذا في (ط)، و (د)، وما بين المعقوفتين من (د)، وانظر: "لسان العرب" (1/ 458 - دار المعارف).
(2) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "منه".
(3) "المدونة" (5/ 262)، "عقد الجواهر" (2/ 663).
(4) رواه أحمد (5/ 267)، وعبد الرزاق (14796 و 16308)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/ 154)، وسعيد بن منصور في "سننه" (427)، والطيالسي (1128)، وأبو داود (3565) في (البيوع والإجارات)، باب ما جاء في تضمين العارية، والترمذي (1265) في (البيوع): باب ما جاء في أن العارية مؤداة، و (2120) في (الوصايا): باب ما جاء لا وصية لوراث، وابن ماجه (2398) في (الصدقات): باب العارية، وابن الجارود في "المنتقى" (1023)، والطبراني في "الكبير" (7615 و 7621)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (50)، وابن عدي (1/ 290)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/ 72 و 88)، والدارقطني (3/ 41) من طريق إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم الخولاني عن أبي أمامة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: فذكره، وفيه زيادة.
وقال الترمذي: "حديث حسن"، وفي الموطن الثاني: حسن صحيح.
أقول: إسماعيل بن عياش صحيح الرواية عن الشاميين، وهذه منها، وشرحبيل هذا فيه لين، فهو حسن الحديث.
وله شاهد؛ رواه أحمد (5/ 293) من طريق ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر (في المطبوع: عن جابر) عن سعيد بن أبي سعيد عمن سمع النبي -عليه السلام-.
وهذا إسناد رجاله ثقات، كما قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 145). ثم تبيَّن في أن سعيد هذا هو الساحلي، وهو غير محتج به، كما في "تحفة الأشراف" (1/ 225) و"التهذيب" (4/ 39 - 40)، و"إتحاف المهرة" (2/ 22).
لكن رواه الدارقطني (4/ 70) والبيهقي (6/ 264) من طريق عمر (وفي مطبوع "سنن الدارقطني": "عمرو، والتصويب من المخطوط و"إتحاف المهرة" (2/ 22)) بن عبد الواحد =



البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (6/ 221)
المؤلف: زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري (المتوفى: 970هـ)
وفي آخره: تكملة البحر الرائق لمحمد بن حسين بن علي الطوري الحنفي القادري (ت بعد 1138 هـ)
وبالحاشية: منحة الخالق لابن عابدين
وفي المغرب الكفيل الضامن وتركيبه دال على الضم والتضمن والكفالة ضم ذمة إلى ذمة في حق المطالبة اهـ.
الثاني: في معناها شرعا قد اختلف فيه وقد أشار إلى الأصح بقوله (هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة) الضم الجمع ومن الفقهاء من جعل الضمان مشتقا من الضم وهو غلط من جهة الاشتقاق؛ لأن نون الضمان أصلية والضم لا نون فيه فهما مادتان مختلفتان كذا في المصباح والذمة العهد والأمان والضمان، وقولهم في ذمتي كذا أي في ضماني والجمع ذمم مثل سدرة وسدر، كذا في المصباح، وقال الأصوليون: إن الآدمي يولد وله ذمة صالحة للوجوب له وعليه وفي التحرير والذمة






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 27/9/2025 - 10:12

کلمات آیت الله سید محسن حکیم ره  درباره ضمان و حواله

کتاب الضمان

مستمسک العروة الوثقی، ج 13، ص 247

[الثاني: القبول من المضمون له] الثاني: القبول من المضمون له. و يكفي فيه أيضاً كل ما دل على ذلك من قول أو فعل (2). و على هذا فيكون من العقود المفتقرة إلى الإيجاب و القبول. و كذا ذكروه (3). و لكن لا يبعد دعوى عدم اشتراط القبول على حسد سائر العقود اللازمة، بل يكفي رضي المضمون له سابقاً أو لاحقاً، (4) كما عن الإيضاح و الأردبيلي، حيث قالا: يكفي فيه الرضا


(1) هذا مما لا ينبغي الإشكال فيه، لتحقق الإنشاء بذلك، الموجب لصدق العنوان. و لأجل ذلك نقول بكفاية الفعل لتحقق الإنشاء به تحققه بالقول، فان الفعل و ان كان في نفسه خالياً عن الدلالة على شيء، لكن بتوسط القرائن يكون دالا على إنشاء العنوان، كالقول، فان لم يكن دالا لم يكف في صدق العنوان عرفاً، و ان قصد به الإنشاء. (2) لما سبق في الإيجاب. (3) قد عرفت عبارة الشرائع و القواعد. و نحوهما غيرها مما تضمن أن الضمان عقد. و في جامع المقاصد: أن الضمان عقد إجماعاً. (4) قال في الخلاف: «ليس من شرط صحة الضمان رضاهما أيضاً. و ان قيل: إن من شرطه رضى المضمون له كان أولى». و هو صريح في عدم لزوم الرضا فضلا عن القبول. و احتج على ذلك بضمان أمير المؤمنين عليه السلام و أبي قتادة الدين عن الميت [1]، و لم يسأل النبي (ص) عن

 

ص 248

و لا يعتبر القبول العقدي. بل عن القواعد: (1) و في اشتراط قبوله احتمال، و يمكن استظهاره من قضية الميت المديون الذي امتنع النبي (ص) أن يصلي عليه حتى ضمنه علي (ع).


رضا المضمون له. و فيه: أن عدم السؤال أعم من عدم اعتبار الرضا، كما هو ظاهر، إذ من الجائز اطلاعه (ص) على حصول الرضا فلم يسأل عنه. و لذلك قيل: إنه قضية في واقعة لا عموم فيها. و في الجواهر: أن اشتمال الخبر على وقوع الضمان يدل على وقوع الرضا، لأن الضمان عقد مؤلف من الإيجاب و القبول، فالاخبار عنه إخبار عنهما. لكن في صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): «في الرجل يموت و عليه دين فيضمنه ضامن للغرماء. فقال (ع): إذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمة الميت» و ظاهر اشتراط الرضا في الجواب: أنه أمر زائد على الضمان، و أنه يتحقق و إن لم يرض المضمون له. و على هذا فوقوع الضمان لا يدل على الرضا و لا على القبول. فاللازم في الجواب عن احتجاج الشيخ (ره) ما ذكرنا. هذا بناء على ثبوت الخبر. لكنه محل تأمل. و حينئذ فالاحتجاج به غير ظاهر و ان سلمت الدلالة. مضافاً إلى أنه إذا تمت دلالة الخبر على عدم اعتبار الرضا كان معارضاً لصحيح ابن سنان المذكور ، فيتعين حمله على الصحيح، لا حمل الصحيح عليه، لأن الصحيح أظهر دلالة. (1) قال في القواعد: «و في اشتراط قبول احتمال». و في جامع

 

ص 249

و على هذا فلا يعتبر فيه ما يعتبر في العقود من الترتيب و الموالاة


المقاصد - في شرحه - قال: «ينشأ من واقعة علي (ع)، و التمسك بالأصل. و الأصح الاشتراط، لأن الضمان عقد إجماعاً فلا بد فيه من القبول. و لأن المال للمضمون له، فكيف يملك شخص نقله الى ذمته بغير رضاه‌؟. و قضية علي (ع) واقعة في عين لا عموم لها. و لا أصل في هذا، بل الأصل عدم شرعيته إلى أن يثبت». أقول: دعوى الإجماع على كون الضمان عقداً و إن كان يقتضيها ما عرفت من عبارة الشرائع و نحوها، لكن خلاف الخلاف في اعتبار الرضا يوهنها جداً. بل عبارة القواعد مثل عبارة الشرائع صريحة في كونه عقداً و مع ذلك جعل اعتبار قبول المضمون له احتمالا، فربما يدل ذلك على كون المراد من كونه عقداً: أنه عند العرف لا عند الشارع. و حينئذ يسهل المنع عن ذلك، فان الضمان تعهد بالمال و هو - بمنزلة الوعد - قائم بنفس المتعهد. و يشير الى ذلك صحيح ابن سنان المتقدم، حيث جعل الرضا شرطاً زائدا على الضمان، و أنه يتحقق و إن لم يرض المضمون له. إلا أن يقال: إن الضمان ليس بمنزلة الوعد تعهداً محضاً، و إنما هو نقل مال المضمون له من ذمة المدين إلى ذمة الضامن، و لما كان نقله تصرفاً بمال الغير، كان قائماً بالغير فهو عقد قائم بين الضامن و المضمون له، كما أشار الى ذلك في جامع المقاصد. و أما صحيح ابن سنان فيمكن حمله إذاً على مجرد إيجاب الضامن و إنشائه، كما يطلق ألفاظ سائر العقود على إنشاء إيجابها فيقال: باع زيد على عمرو فلم يقبل عمرو، و يكون المراد من رضا المضمون له قبوله، لا مجرد الرضا النفساني. اللهم إلا أن يقال: الضمان عندنا نقل ما في ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن. و حكي عن أبي ثور و ابن أبي ليلى و ابن شبرمة و داود أيضاً.

 

ص 250

و عن الشافعي و باقي الفقهاء: أنه لا نقل فيه من ذمة إلى ذمة، بل هو ضم ذمة إلى ذمة، و المضمون له مخير في أن يطالب أيهما شاء. و هذا الاختلاف لا يجوز أن يكون في المفهوم، ضرورة أن المفهوم المنشأ عندهم هو المفهوم المنشأ عندنا، فلا بد أن يكون مفهومه ما به الاشتراك بيننا و بينهم، و أما ما به الاختلاف فهو خارج عن المفهوم. و على. هذا فليس الضمان الا التعهد بالدين و شغل الذمة به، من دون تعرض فيه الى نقل الدين، بل هو من الأحكام المستفادة من الأدلة الخاصة الآتية. و لأجل ذلك يظهر أنه من المفاهيم الإيقاعية دون العقدية، لعدم تعرض الضامن لشؤون غيره نفساً أو مالا، و لا تصرف منه في ذلك. و لأجل ذلك يجب الأخذ بظاهر صحيح ابن سنان المتقدم ، و لا موجب للتصرف فيه بحمله على الإيجاب الناقص، كما ذكرنا سابقاً، بل يحمل على ما هو الظاهر من الضمان الكامل، و أن حكمه اعتبار الرضا من المضمون له شرطاً به على نحو لا يصح بدونه. و يشهد بما ذكرنا تفسير الفقهاء للضمان: بأنه تعهد بمال، في قبال الحوالة التي هي تعهد بنفس. فكما أن التعهد بالنفس ليس إلا محض التعهد بالنفس، كذلك التعهد بالمال، ليس الا التعهد به، من دون تعرض لنقل التعهد من غيره اليه. و قد عرفت في الشراء و غيرها الضمان بالمعنى الأعم - حسبما ذكروه - بأنه تعهد بالمال أو النفس. فهما على وتيرة واحدة. و من ذلك كله يظهر أنه لا مقتضي لاعتبار قبول المضمون له. نعم لا بأس باعتبار رضاه، كما تضمنه صحيح ابن سنان. و لا سيما أن من أحكامه انتقال الضمان، و ربما كان ذلك ضرراً على المضمون له مالياً أو أدبياً، لا يجوز ارتكابه بلا رضاه. و إن كان هذا الوجه لا يقتضي اعتبار رضاه إلا مع لزوم الضرر، بخلاف الصحيح فإنه يقتضيه مطلقاً.

 

کتاب الحوالة

مستمسک العروة الوثقی، ج 13، ص 377

و لكن الذي يقوى عندي كونها من الإيقاع (1) غاية الأمر اعتبار


. (1) لا يخفى أن الفرق بين الإيقاع و العقد أن الأول يكفي في حصوله إعمال سلطنة سلطان واحد، و الثاني يتوقف حصوله على إعمال سلطنة سلطانين، و لا يكفي في حصوله إعمال سلطنة واحدة. فإذا قال الإنسان لزوجته: «طلقتك» ثمَّ‌ قال لها: «تزوجتك» فالطلاق إيقاع لأنه يكفي في حصوله إعمال سلطنة الزوج، و التزويج عقد لأنه يتوقف حصوله على إعماله سلطنة الزوج و الزوجة معاً، فالطلاق و إن كان تصرفاً في الزوجة كالتزويج، إلا أن الأول لما جعله الشارع الأقدس تحت سلطان الزوج فقط كان إيقاعاً، و التزويج لما جعله الشارع تحت سلطان الزوجين معاً كان عقداً. و ربما يكون إيقاعا إذا كان تحت سلطنة شخص واحد، كما في تزويج المولى أمته من عبده، فإنه لما لم يكن تحت سلطان كل من الزوجين و إنما هو تحت سلطان مولاهما كان إيقاعا. و هكذا فكل تصرف لا يتحقق إلا باعمال سلطنة شخصين فهو عقد، و كل تصرف يتحقق باعمال سلطنة شخص واحد فهو إيقاع. فالاختلاف بين العقد و الإيقاع ليس لاختلاف مفاهيمها المنشأة، بل لاختلاف أحكامها من حيث السلطنة. و على هذا يمتنع أن تكون الحوالة إيقاعاً، لأنها تصرف في مال المحتال الذي هو تحت

 

ص 378

سلطانه، و في ذمة المحال عليه التي هي تحت سلطانه، فيجب أن تكون بقبولهما معاً، و لا تكون بإيقاع المحيل فقط لتكون إيقاعاً.

 

 

منهاج الصالحین(حکیم)، ج 2، ص 196

كتاب الضمان

و انما يصلح إذا صدر عن اهله و لا بد من رضا الضامن و المضمون له و يبرأ المضمون عنه [1] و إن أنكره و ينتقل المال إلى ذمة الضامن فان كان مليا أو علم المضمون له بإعساره وقت الضمان لزم و إلا كان له الفسخ و يصح مؤجلا و إن كان الدين حالا و بالعكس و يرجع الضامن على المضمون عنه بما أداه إن ضمن باذنه و إلا فلا؛ و لا يشترط العلم بمقدار المال و يلزمه ما تقوم به البينة خاصة؛ و لا بد في الحق من الثبوت [2] سواء أ كان‌

 

ص 197

لازما أو آئلا اليه؛ و لو ضمن عهدة الثمن لزمه مع بطلان العقد لا مع تجدد الفسخ [3] (اما الحوالة) فيشترط فيها رضاء الثلاثة سواء كان المحال عليه مدينا [4] أو بريئا أو كانت الحوالة بالجنس أو بغير الجنس و لا يجب قبولها و معه تلزم و يبرأ المحيل و ينتقل المال إلى ذمة المحال عليه و لزمه ان كان مليا أو علم بإعساره و إلا فله الفسخ؛ و لو طالب المحال عليه بما اداه فادعى المحيل ثبوته في ذمته فالقول قول المحال عليه مع يمينه، و لو أحال المشتري بالثمن أو أحال البائع أجنبيا ثم فسخ البيع لم تبطل الحوالة على الأقوى و لو بطل البيع بطلت.

(و اما الكفالة) فيشترط فيها رضاء الكفيل و المكفول له بل و كذا المكفول [5] على الأحوط، و في اشتراط الأجل قولان أظهرهما العدم و تعيين المكفول، و على الكافل دفع المكفول أو ما عليه، و من أطلق غريما من يد صاحبه قهرا لزمه إعادته أو ما عليه، و لو كان قاتلا دفعه أو الدية إذا كان القتل موجبا للدية و إلا تعين دفعه، و لو مات المكفول أو دفعه الكفيل أو سلم نفسه أو أبرأه المكفول له يبرأ الكفيل و لو عينا موضع التسليم لزم و إلا انصرف الى بلد الكفالة.

 

 






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 29/9/2025 - 9:40

تاریخ تألیف کتاب الحوالة مستمسک: سال 1382 قمری «و الحمد لله رب العالمين كما هو أهله. و الصلاة و السلام على رسوله الكريم و أهل بيته الطاهرين. انتهى الكلام في ثامن شعبان المكرم، في السنة الثانية و الثمانين بعد الألف و الثلاثمائة من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل السلام و أكمل التحية.»

تاریخ طبع اول کتاب منهاج الصالحین: سال 1365 «این رساله مبسوط، اولین مرتبه به سال ۱۳۶۵ ﻫ.ق در نجف طبع و توزیع گردید و با استقبال گسترده شیعیان به ویژه مقلدان سید محسن حکیم مواجه شد. منهاج الصالحین توسط انتشارات مختلف از جمله داراحیاء آثار الامام الخوئی در سال های مختلف به چاپ رسیده است و همچنین به ضمیمه‌ى تکمله‌ى منهاج در دو جلد در سال ۱۴۱۰ قمرى توسط انتشارات مدینة العلم در شهر قم چاپ و منتشر شده است. »(نرم افزار جامع فقه اهل البیت، بخش کتابشناسی، مرکز تحقیقات کامپیوتری علوم اسلامی.)






****************
ارسال شده توسط:
محمدحسین
Friday - 3/10/2025 - 20:56

به نظر میرسد تعبیر مرحوم حکیم در مناهج که رضایت هر سه طرف در حواله شرط است، لزوما منافاتی با مطلب ایشان در مستمسک ندارد. شرطیت رضایت سه طرف تعبیری رایج در کتب است. همچنین عدم وجوب قبول.

شاهد این مطلب این است که با وجود این تعابیر شهید ثانی حواله را عقد لازمی میداند که ایجاب و قبول در آن شرط است.

البته اینکه «رضایت» به عنوان شرط ذکر شده شاید به این دلیل باشد که قبول بر محتال واجب نیست، پس رضایت او شرط است.

در ادامه برخی از کلمات فقها ذکر میشود.

 

شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام. ج 2، اسماعيليان، 1408، ص 93

القسم الثاني في الحوالة

و الكلام في العقد و في شروطه و أحكامه

أما الأول [أي في العقد]

فالحوالة عقد شرع لتحويل المال من ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله

و أما شروطه

و يشترط فيها رضا المحيل و المحال عليه و المحتال و مع تحققها يتحول المال إلى ذمة المحال عليه و يبرأ المحيل و إن لم يبرئه المحتال على الأظهر.

و يصح أن يحيل على من ليس عليه دين لكن يكون ذلك بالضمان أشبه و إذا أحاله على الملي لم يجب القبول لكن لو قبل لزم و ليس له الرجوع و لو افتقر.

 

 

 المختصر النافع في فقه الإمامیة. ج 1، مطبوعات دينی، 1376، ص 142

القسم الثاني: الحوالة:

و هي مشروعة لتحويل المال من ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله.

و يشترط رضاء الثلاثة. و ربما اقتصر بعض على رضاء المحيل و المحتال.

و لا يجب قبول الحوالة و لو كان على مليء. نعم لو قبل لزمت و لا يرجع المحتال على المحيل و لو افتقر المحال عليه.

 

 

قواعد الأحکام. ج 2، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي، 1413، ص 162-163

الفصل الثاني: في الحوالة

و هو: عقد شرّع لتحويل المال من ذمّة إلى أخرى.

و شروطها ثلاثة: رضى الثلاثة، و علمهم بالقدر، و لزوم الدين أو كونه صائرا اليه، و علم المحتال بإعسار المحال عليه - لو كان - أو رضاه به شرط اللزوم و هل يشترط شغل ذمّة المحال عليه بمثل الحقّ‌ للمحيل‌؟ الأقرب عدمه، لكنّه أشبه بالضمان.

و لا يجب قبولها و إن كانت على مليء، فإن قبل لزم، و ليس له الرجوع و إن افتقر.

 

 

الخلاف. ج 3، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي، 1407، ص 303-306

كتاب الحوالة

مسألة ١: المحتال هو الذي يقبل الحوالة،

فلا بد من اعتبار رضاه. و به قال جميع الفقهاء إلا داود، فإنه قال: لا يعتبر رضاه، و متى ما أحاله من عليه الحق على غيره لزمه ذلك.

دليلنا: أنا أجمعنا على أنه إذا رضي صحت الحوالة، و ليس على صحتها مع عدم رضاه دليل.

و قول النبي صلى اللّٰه عليه و آله: «إذا أحيل أحدكم على ملي فليحتل» المراد به الاستحباب، لأنه إذا أراد أن يحيله على غيره، استحب له أن يجيبه اليه، لما فيه من قضاء حاجة أخيه، و اجابته الى ما يبتغيه.

مسألة ٢: المحال عليه يعتبر رضاه.

و به قال المزني في اختياره، و إليه ذهب أبو سعيد الإصطخري.

و ذكر ابن سريج في التلخيص أن الشافعي ذكر ذلك في الإملاء و المشهور من مذهب الشافعي أنه لا يعتبر رضاه.

دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، من إجماع الأمة على أنه إذا رضي صحت الحوالة، و لم يدل على صحتها من غير رضاه دليل.

 

 

الروضة البهیة في شرح اللمعة الدمشقیة (2جلدی). ج 1، ص 366

كتاب الحوالة

و هي التعهد بالمال من المشغول بمثله

للمحيل هذا هو القدر المتفق عليه من الحوالة و إلا فالأقوى جوازها على البريء للأصل - لكنه يكون أشبه بالضمان لاقتضائه نقل المال من ذمة مشغولة إلى ذمة بريئة فكان المحال عليه بقبوله لها ضامن لدين المحتال على المحيل - و لكنها لا تخرج بهذا الشبه عن أصل الحوالة فتلحقها أحكامها

و يشترط فيها رضا الثلاثة

أما رضا المحيل و المحتال فموضع وفاق - و لأن من عليه الحق مخير في جهات القضاء من ماله و دينه المحال به من جملتها و المحتال حقه ثابت في ذمة المحيل فلا يلزمه نقله إلى ذمة أخرى بغير رضاه و أما المحال عليه فاشتراط رضاه هو المشهور و لأنه أحد أركان الحوالة و لاختلاف الناس في الاقتضاء سهولة و صعوبة - و فيه نظر لأن المحيل قد أقام المحتال مقام نفسه في القبض بالحوالة - فلا وجه للافتقار إلى رضا من عليه الحق كما لو وكله في القبض منه و اختلاف الناس في الاقتضاء لا يمنع من مطالبة المستحق و من نصبه خصوصا مع اتفاق الحقين جنسا و وصفا فعدم اعتباره أقوى - نعم لو كانا مختلفين و كان الغرض استيفاء مثل حق المحتال توجه اعتبار رضا المحال عليه لأن ذلك بمنزلة المعاوضة الجديدة فلا بد من رضا المتعاوضين و لو رضي المحتال بأخذ جنس ما على المحال عليه زال المحذور أيضا و على تقدير اعتبار رضاه ليس هو على حد رضاهما لأن الحوالة عقد لازم لا يتم إلا بإيجاب و قبول فالإيجاب من المحيل و القبول من المحتال - و يعتبر فيهما ما يعتبر في غيرهما من اللفظ العربي و المطابقة و غيرهما و أما رضا المحال عليه فيكفي كيف اتفق متقدما و متأخرا و مقارنا - و لو جوزنا الحوالة على البريء اعتبر رضاه قطعا و يستثنى من اعتبار رضا المحيل ما لو تبرع المحال عليه بالوفاء فلا يعتبر رضا المحيل قطعا - لأنه وفاء دينه بغير إذنه - و العبارة عنه حينئذ أن يقول المحال عليه للمحتال أحلتك بالدين الذي لك على فلان على نفسي فيقبل فيقومان بركن العقد - و حيث تتم الحوالة تلزم - فيتحول فيها المال من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه - كالضمان عندنا و يبرأ المحيل من حق المحال بمجردها و إن لم يبرئه المحتال لدلالة التحول عليه في المشهور - و لا يجب على المحتال قبولها على المليء لأن الواجب أداء الدين و الحوالة ليست أداء و إنما هي نقل له من ذمة إلى أخرى فلا يجب قبولها عندنا و ما ورد من الأمر بقبولها على المليء على تقدير صحته محمول على الاستحباب -





************************

الخلاف؛ ج‌3، ص: 125
مسألة 209: إذا كان ماله دينا، فباعه و ماله‌ صح البيع.
و قال الشافعي: باطل، لأن بيع الديون لا يصح «2».
دليلنا قوله تعالى «وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» «3» و المنع يحتاج الى دليل، و أيضا فإن بيع الدين عندنا صحيح، فما بنى عليه من الأصل غير مسلم.



المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌2، ص: 137
و إن كان ماله دينا فباعه معه صح البيع لأن بيع الدين جائز عندنا.



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌1، ص: 444
هذا آخر كلام الحسن بن علي بن أبي عقيل رحمه اللّٰه. و كان من جلّة أصحابنا المصنّفين المتكلّمين، و الفقهاء المحصلين، قد ذكره شيخنا أبو جعفر، في فهرست المصنّفين، و أثنى عليه، و ذكر كتابه، و كذلك شيخنا المفيد كان يثني عليه.
قال محمّد بن إدريس رحمه اللّٰه: و إلى هذا القول، و المذهب أذهب، لوضوحه عندي، و لأنّ الأصل براءة الذمة، فمن أوجب الزكاة على مال ليست أعيانه في ملكه، يحتاج إلى دليل، و هذا يدل على ما ننبّه عليه، من فساد بيع الدين، إلا على من هو عليه.




السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌2، ص: 38
و من له على غيره مال، لم يجز له أن يجعله مضاربة، إلا بعد أن يقبضه، ثم يدفعه إليه، إن شاء للمضاربة و المضاربة «1» لا تكون إلا بالأموال المعينة، و لا تكون بما في الذمّم، لأنّ ما في الذمّة غير معيّن و لا يتعين إلا بعد قبضه و تعيينه، لأنّ الإنسان مخيّر في جهات القضاء من سائر أمواله، و هذا إجماع منعقد من أصحابنا.
فعلى هذا التحرير الذي لا خلاف فيه، بيع الدين على غير من هو عليه، لا يصح، لأنّ البيوع على ضربين، بيوع الأعيان، و بيوع ما في الذمم، و بيوع الأعيان على ضربين، بيع عين مرئية مشاهدة، فلا يحتاج إلى وصفها، و بيع عين غير مشاهدة، يحتاج إلى وصفها، و ذكر جنسها، و هذا البيع يسميه الفقهاء بيع خيار الرؤية، و لا بد أن يكون ملك جنسها في ملك البائع في حال عقد البيع، إلا أنّها غير مشاهدة، فيصفها ليقوم وصفها مقام مشاهدتها، و هي غير مضمونة، إن هلكت قبل التسليم على البائع.
فبيع الدين بيع عين غير مشاهدة «2» مرئية بغير خلاف، و لا بيع عن معينة موصوفة في ملك البائع، فإنّه لا يصلح له وصفها، لأنّا قد قدّمنا أنّ الدين عينه غير معيّن في ملك صاحبه، بل لا يتعيّن إلا بقبضه له، و قلنا إنّ من عليه الدين، مخيّر في «3» جهات القضاء من سائر أمواله، فلا يتقدّر أن تكون عين شي‌ء له و هي بعينها لمن له عليه «4» الحق، و إن كان على الجملة لصاحب الدين على المدين حق من جنس من أجناس من الأموال، و ليس له عليه «5» عين معينة من الأعيان، و الشي‌ء‌
______________________________
(1) ل: لأنّ مال المضاربة. ق: لأنّ مال المضاربة و المضاربة.
(2) ج: فبيع الدين لا بيع عين مشاهدة.
(3) ج: من جهات.
(4) ج: لمن عليه.
(5) ج: و ليس عليه.



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى، ج‌2، ص: 39‌
المبيع بيع خيار الرؤية، يحتاج إلى أن يكون ملك جنسه معيّنا في ملك بائعه، و يذكر جنسه، و يصفه: لأنّه من جملة بيوع الأعيان.
فأمّا الضرب الآخر من البيوع الذي هو في الذمّة، هو المسمّى بالسّلم، بفتح السين و اللام، و السلف، فهذا مضمون على بايعه، يحتاج إلى الأوصاف، و الآجال المحروسة من الزيادة و النقصان، امّا بالسنين و الأعوام، أو بالشهور و الأيّام، و من شرط صحته قبض رأس المال الذي هو الثمن، قبل الافتراق من مجلس العقد، و بيع الدين ليس كذلك بغير خلاف.
فإن قيل: هذا خلاف إجماع الإمامية، و ذلك أنّ إجماعهم منعقد بغير خلاف على صحّة بيع الدين و إمضائه، و عموم أخبارهم على ذلك، و كذلك أقوالهم، و تصنيفاتهم، و مسطوراتهم، و فتاويهم.
قلنا: نحن ما دفعنا ذلك أجمع، و أبطلناه، بل نحن عاملون بمقتضاه، و مخصصون لما ناقض الدليل و نفاه، لأنّه لا خلاف بين المحصلين لأصول الفقه، أنّ العموم قد يخص بالأدلة، و قد قلنا انّ بيع الدين على من هو عليه جائز، صحيح، لا خلاف فيه، فقد عملنا بالإجماع، و اتبعنا ظواهر الأقوال، و الأخبار، و الفتاوى، و ما في التصنيفات، و أعطينا الظاهر حقه، و خصصنا ما عدا بيع من عليه الدين، بالأدلة المجمع عليها، المقررة المحررة عند أصحابنا، المقدم ذكرها، و هذا تحقيق لا يبلغه إلا محصّل لأصول الفقه، ضابط لفروع المذهب، عالم بأحكامه محكم لمداره، و تقريراته، و تقسيماته، و مما يشيد ما حررناه، إجماع أصحابنا الذي لا خلاف فيه، و انعقاده على أنّ من كان له على غيره مال دينا، لم يجز له أن يجعله مضاربة، إلا بعد أن يقبضه، و يتعيّن في ملكه، ثمّ يدفعه إليه إن شاء للمضاربة، لأنّه قبل قبضه و تعيينه في ملكه، ملك لمن هو عليه ما انتقلت عينه إليه، فكيف يصح له أن يضاربه بعين ماله، فإنّه قبل أن يقبضه و يتعين عينه في ملكه، مال من هو عليه، فكيف يضاربه بماله، و لو فعل ذلك، لكان الربح كلّه لمن عليه المال، لأنّه‌



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى، ج‌2، ص: 40‌
ربح ماله، و لا تصح المضاربة، لأنّ حقيقتها و موضوعها في الشريعة، أن من العامل العمل، و من رب المال المال، و من عليه الدين، منه المال و العمل جميعا.
فإن قيل: أنتم قد جعلتم من جملة أدلتكم على صحة ما حرّرتموه و اخترتموه، مسألة من كان له على غيره دين، فلا يجوز له أن يجعله معه مضاربة، إلا بعد قبضه و تعيينه له في ملكه، و لا يجوز له قبل ذلك جعله مضاربة، فعلى سياق هذا الاستدلال، و الاعتبار، يلزمكم أن لا تجوزوا بيع الدين على من هو عليه، قبل قبضه و تعيينه في ملك بائعه.
قلنا: لا يلزمنا ذلك، لأنّ بيع خيار الرؤية، لا يحتاج إلا إلى ذكر الجنس، و كونه في ملك البائع، و الوصف له، دون تعيين عينه بالإشارة إليه، و المشاهدة له، و القطع عليه، و ليس كذلك حكم مال المضاربة، لأنّه يجب أن يكون مذكور الجنس معينا، و لا يكفي ذكر الجنس و الصفة، دون تعيينه في الملك، كما كفى ذلك في بيع خيار الرؤية، و إن كان كلّ واحد من المالين، مملوك الجنس، غير متعيّن ملك عينه، و لا يتعيّن ملك عينه، إلا بعد قبضه، فيصح بيعه على من هو عليه، بيع خيار الرؤية، لأنّه مملوك الجنس للبائع، و من هو عليه عالم بصفته، فقام علم من هو عليه به، و بصفته، مقام وصف البائع له، فجمع هذا البيع الأمرين اللذين هما شرط في صحة بيع خيار الرؤية، و هو ذكر الجنس، و علم من هو عليه الذي هو قائم مقام صفته، لأنّ ذكر الصفة في بيع العين الغائبة، يقوم مقام المشاهدة و الرؤية لبيع العين الحاضرة المشاهدة، لأنّا لا نحتاج أن نصف العين المرئية عند البيع، و لا ذلك شرط في صحة العقد عليها، و هو شرط في صحة بيع العين الغائبة مع ذكر جنسها، فلأجل ذلك جوّزنا بيعها على من هي عليه، دون من سواه، لأنّ البيع عليه، بيع خيار الرؤية، لأنّ من شرطه ذكر الجنس و الصفة، فإذا بيع عليه، فقد جمع الأمرين جميعا، و ليس كذلك بيعه على غير من هو عليه، لأنّ أحد الأمرين لا يحصل له، لأنّ صاحبه لا يعلم عينه، حتى يصفها للمشتري،



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى، ج‌2، ص: 41‌
و لا يميّزها للعين، حتى يصفها فإن وصفها، كان كاذبا جاهلا، لأنّ عينها ما تميزت له في ملكه، و إن كان مالكا لجنسها، دون عينها قبل قبضها من الذي هي في ذمّته، فيدخل في النهي عن بيع الغرر، و النهي يدلّ على فساد المنهي عنه، فلأجل هذا جوّزنا بيعها على من هي عليه، دون من سواه، و ليس كذلك إذا ضاربه بها، لأنّ مال المضاربة يحتاج أن يكون متميز العين في ملك رب المال، و قبل قبضه ممن هو في ذمته، ليس هو متميز العين، فافترق الأمران، و يعضد ما أصلناه، قولهم في باب بيع الديون و الأرزاق: و من كان له على غيره دين، جاز له بيعه نقدا، و يكره ذلك نسية، و أطلقوا القول بكراهية النسية، و هذا لا يجوز بالإجماع، لأنّه إن كان الدين ذهبا، فلا يحل بيعه بذهب نسية، بغير خلاف، ثم قالوا فإن و في الذي عليه الدين المشتري، و إلا رجع على من باعه إيّاه بدركه، ثم قالوا: و إذا باع الدين بأقل ممّا له على المدين، لم يلزم المدين أن يؤدّي أكثر مما وزنه المشتري.
قال محمّد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: إن كان
________________________________________
حلّى، ابن ادريس، محمد بن منصور بن احمد، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى، 3 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، دوم، 1410 ه‍ ق





السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌2، ص: 314
قال محمّد بن إدريس رحمه اللّٰه: قد حرّرنا القول في بيع الدين، و قلنا إنّه لا‌ يجوز الأعلى من هو عليه، و شرحناه و أوضحناه في باب الديون، بما لا طائل في إعادته.


شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌2، ص: 60
العاشرة يجوز بيع الدين بعد حلوله‌
على الذي هو عليه و على غيره فإن باعه بما هو حاضر صح و إن باعه بمضمون حال صح أيضا و إن اشترط تأجيله قيل يبطل لأنه بيع دين بدين و قيل يكره و هو الأشبه.



المختصر النافع في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 134
الأولى- لا يجوز بيع السلم قبل حلوله‌
و يجوز بعده و إن لم يقبضه على كراهية في الطعام على من هو عليه و على غيره.
و كذا يجوز بيع بعضه و تولية بعضه. و كذا بيع الدين.
فإن باعه بما هو حاضر صح. و كذا إن باعه بمضمون حال.
و لو شرط تأجيل الثمن قيل: يحرم، لأنه بيع دين بدين.
و قيل يكره، و هو الأشبه.
أما لو باع دينا في ذمة زيد، بدين المشترى في ذمة عمرو فلا يجوز لأنه بيع دين بدين.



المختصر النافع في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 136
و لا يصح المضاربة بالدين حتى يقبض. و لو باع الذمي ما لا يملكه المسلم [1] و قبض ثمنه جاز أن يقبضه المسلم عن حقه.
و لو أسلم الذمي قبل بيعه قيل يتولاه غيره و هو ضعيف.
و لو كان لاثنين ديون فاقتسماها، فما حصل لهما، و ما توى [2] منهما.
و لو بيع الدين بأقل منه لم يلزم الغريم أن يدفع إليه أكثر مما دفع على تردد:



الزبدة الفقهية في شرح الروضة البهية؛ ج‌5، ص: 22
(و منع ابن إدريس من بيع الدين على غير المديون) استنادا إلى دليل قاصر (8)، و تقسيم غير حاصر (9)، ...
______________________________
(8) و هو الإجماع و قد خطّأه صاحب الجواهر كيف و المشهور قد ذهب إلى الصحة.
(9) التقسيم هو: إن المبيع إما عين معينة أو في الذمة، و الأول إما بيع عين مرئية مشاهدة فلا تحتاج إلى وصف و إما عين غير مشاهدة فتحتاج إلى وصف و ذكر الجنس و هو بيع خيار الرؤية.
و الثاني و هو بيع ما في الذمة فهو السلف المفتقر إلى الأجل المعين و الوصف الخاص، فهذه ثلاثة أقسام للمبيع، و الدين ليس واحدا منها، لأنه ليس عينا مشاهدة و لا معينة موصوفة إذ للمديون التخيير في جهات القضاء من ردّ نفس العين أو مثلها، و ليس الدين‌


الزبدة الفقهية في شرح الروضة البهية، ج‌5، ص: 23‌
(و المشهور الصحة) مطلقا (1)، لعموم الأدلة‌
______________________________
بسلف إجماعا، و لا قسم رابع في البين فيتعين القول ببطلان بيعه.
و ردّ بأن الدين عين موصوفة، و التخيير للمديون لا يخرج الدين عن كونه كذلك فيصح بيعه لعموم أدلة البيع هذا و قد علق الشارح في الروضة هنا كما في الطبعة الحجرية بقوله (حاصل ...) يرجع إلى حصر حاصل استدلال ابن إدريس على المنع من بيعه على غير المديون يرجع إلى حصر ادعى صحته و هو: أن المبيع إما عين معينة أو في الذمة، و الأول إما بيع عين مرئية مشاهدة فلا يحتاج إلى وصف، و إما بيع عين غير مشاهدة فيحتاج إلى وصفها و ذكر جنسها و هو بيع خيار الرؤية و أما الذي في الذمة فهو السلف المفتقر إلى الأجل المعين و الوصف الخاص، قال: و الدين ليس عينا مشاهدة و لا معينة موصوفة إذ للمديون التخيير في جهات القضاء، و ليس بسلم إجماعا و لا قسم رابع هنا لنا.
ثم اعترض على نفسه بأنه خلاف الإجماع لانعقاده على صحة بيع الدين، ثم أجاب بأن العمومات قد تخصّ، و الأدلة هنا عامة تخصّها ببيعه على غير من هو عليه، ثم عقّب ذلك بأنه تحقيق لا يبلغه إلا محقق أصول الفقه و ضابط فروع المذهب، عالم بأحكامه محكّم لمداره و تقريراته و تقسيماته، ثم استدل أيضا بالإجماع على عدم صحة جعل الدين مضاربة إلا بعد قبضه، ثم أطنب في ذلك بما لا محصّل له.
و أنت خبير بأن التقسيم الذي ادعى فيه الحصر لا دليل عليه، و أما ما ادعاه من الإجماع وارد عليه، و ما أعتذر عنه من التخصيص متوقف على قيام المخصص و هو مفقود، و المنع من المضاربة على الدين لا مدخل له في المنع من بيعه أصلا، و إلا لمنع من بيعه على من هو عليه كما يمنع من مضاربته.
و إنما المانع عندهم من المضاربة أمر آخر أشرنا إليه في بابه، و لا فرق بين البيع للدين و السلم فيه إلا بالأجل، و هو لا يصيّر المجهول معلوما.
(1) سواء كان البيع على المديون أم على غيره.
________________________________________
عاملى، سيد محمد حسين ترحينى، الزبدة الفقهية في شرح الروضة البهية، 9 جلد، دار الفقه للطباعة و النشر، قم - ايران، چهارم، 1427 ه‍ ق




جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌24، ص: 344
[المسألة العاشرة و يجوز الدين بعد حلوله على الذي هو عليه]
كما أن المسألة العاشرة كذلك لا مدخلية لها في السلم إذ قد عرفت الحال في بيعه قبل الحلول، و بعده أما غيره ف‍ يجوز الدين بعد حلوله على الذي هو عليه بلا خلاف فيه بيننا و لا اشكال بل و على غيره وفاقا للمشهور، شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل لعلها كذلك بعد انحصار الخلاف في الحلي، لوجود المقتضى و ارتفاع المانع عدا ما يحكى عنه من الإجماع المتبين خطاؤه في تحصيله، بعدم موافقة أحد ممن تقدمه أو تأخر عنه له في ذلك، بل ليس فيما حضرني من نسخة السرائر ذلك، و ان أطال في ترجيح ما ذهب اليه من المنع، بأنه ليس بيع عين مشاهدة، و لا مشخصة موصوفة و لا كلية موصوفة إذا لا خير سلم و ليس هو منه قطعا، كما أنه ليس من الأولين كذلك لعدم تعين الدين و تشخصه الا بالقبض، بل أورد على نفسه أن الإجماع منعقد بغير خلاف على صحة بيع الدين و إمضائه و عموم أخبارهم على ذلك، و أجاب بأنا عاملون بالإجماع و متبعون لظواهر القرآن في بيع الدين على من هو عليه دون غيره، و ظاهره وجود معقد إجماع مطلق.
______________________________
(1) الوسائل الباب- 9- من أبواب الصرف الحديث- 2.


جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌24، ص: 345‌
و على كل حال فلا ريب في ضعف قوله، إذ لا مانع من كونه بيع عين موصوفة، و ان لم يكن سلما و لا مشخصة لعموم أدلة البيع، بل مقتضاها جواز البيع قبل الأجل كما هو صريح التذكرة و الروضة، و ظاهر المختلف و اللمعة و جماعة، و لا معارض لها، إذ الإجماع المدعى انما هو في السلم خاصة، و دعوى عدم الفرق واضحة المنع، كدعوى عدم الملكية للبائع قبل الأجل في نحو القرض المؤجل، و مهر الزوجة و نحوهما من أفراد الدين، و كذا عدم القدرة على التسليم بعد ما عرفت من عدم اعتبار القدرة فعلا في صحة البيع، فما في الدروس و ظاهر الإرشاد و محتمل النافع أو ظاهره من المنع ضعيف، هذا كله في أصل جواز البيع.
و أما ما يباع به فان باعه بما هو حاضر مشخص صح بلا خلاف و لا اشكال و كذا ان باعه بمضمون في العقد حال صح أيضا لعدم صدق الدين عليه، ضرورة عدم كون المراد منه التأخير بل غاية المراد منه الكلى الصادق على أفراد متعددة، أما إذا كان مضمونا قبل العقد بان يكون مؤجلا ثم يحل الأجل فالمتجه فيه المنع لانه بيع دين بدين كالحال بالمؤجل السابق، و اعتبار الأجل في الدين على تقدير تسليمه كما نص عليه بعض أهل اللغة بل نسب الى ظاهر بعض الأصحاب انما يراد منه اعتباره حين ثبوته بمعنى ان الدين ما يضرب فيه الأجل أول مرة، و لا ينافيه خلوه عنه في ثاني الحال، و لذا أطلق الأصحاب على الدين بعد حلول أجله لفظه إطلاقا حقيقيا و هو المتداول عرفا و لا يصح السلب عنه فيه حينئذ.
لكن في الرياض في شرح عبارة النافع التي هي كعبارة المتن هنا، إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين ما لو كان مؤجلا ثم حل الأجل أو كان غير مؤجل في الأصل، كما إذا بيع بدينار كلى غير مستقر في ذمته قبل البيع، و لا اشكال فيه لما مر، مع عدم صدق الدين عليه حقيقة كما يأتي، و يشكل في الأول ان لم يكن إجماع كما هو ظاهر الروضة حيث جعل الجواز أقوى و هو مشعر بل ظاهر في‌


جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌24، ص: 346‌
وقوع الخلاف، و وجهه قوة احتمال صدق الدين عليه، بناء على تضمنه الأجل، و لو في الزمان السابق على العقد، فيلزم حينئذ بيع الدين بالدين، و وجه الجواز اما الشك في الصدق، أو لزوم الاقتصار في المنع في بيع الدين بالدين المخالف للأصل على محل الوفاق، و ليس منه محل الفرض، لوقوع الخلاف، و الخبر المانع عنه و ان كان عاما الا انه قاصر سندا يشكل الاعتماد عليه فيما عدا الإجماع.
و ربما يوجه باختصاص الدين بالمؤجل كما في كلام الأصحاب و جماعة من أهل اللغة، و محل الفرض بعد انقضاء أجله ليس كذلك الى آخره، و هو من غرائب الكلام، ضرورة ظهوره في أن الجواز بالمضمون السابق مظنة الإجماع، و فيه أن المراد بالمضمون في كلام الأصحاب ما قابل العين، أي الكلي في العقد فلا يشمل المضمون سابقا، بل ينبغي القطع بذلك، إذ لا خلاف بينهم في أن بيع المضمون المؤجل سابقا بمضمون سابقا كذلك من بيع الدين بالدين، سواء كانا حالين أو مؤجلين أو أحدهما حالا و الأخر مؤجلا، إنما البحث فيما صار دينا بالعقد، و هو الذي أشار إليه المصنف بقوله.
و ان اشترط تأجيله أي الثمن في بيع الدين بعد حلوله قيل و القائل المشهور يبطل لانه بيع دين بدين فيشمله النص و الإجماع و قيل يكره و هو الأشبه عند المصنف و جماعة، للأصل و العمومات التي يجب الاقتصار في الخروج عنها على المتيقن، و هو ما كان عوضا حال كونه دينا، كما هو مقتضى تعلق الباء به، و المضمون عند العقد ليس بدين، و انما يصير دينا بعده، فلم يتحقق بيع الدين به و الا لزم مثله في بيعه بالحال الذي لم يعرف من أحد المنع فيه، و الفرق غير واضح. و دعوى إطلاق اسم الدين عليه ان أرادوا به قبل العقد فممنوع، و بعده فمشترك بين الحال و المؤجل، فيلزم أن لا يصح بحال كما عرفت، و إطلاق بيع الدين بالدين عليه عرفا مجاز، على معنى أن الثمن بقي في ذمته دينا بعد‌


جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌24، ص: 347‌
البيع، و لو اعتبر مثل هذا الإطلاق جاء مثله في الحال إذا لم يقبضه، خصوصا إذا أمهله به من غير تأجيل.
و فيه منع كون المراد من النص ذلك لا غير، و تعلق الباء أعم، إذ يمكن كون المراد المنع من بيع الدين بالدين المقابل للعين و الحال اى لا تبع الدين بهذا الصنف من البيع فيكون التعريف إشارة الى هذا القسم من البيع المعهود في الذهن و حينئذ فأظهر الفردين المؤجل في العقد لا العكس و قد تقدم في تأجيل ثمن السلف ما يستفاد منه المفروغية من تناول بيع الدين بالدين للمؤجل ثمنه بالعقد، و أنه من الواضحات فلا ريب حينئذ في أن الأشبه خلاف ما ذكره المصنف.
و قد تحصل من مجموع ما ذكرنا المنع من بيع الدين السابق بالدين السابق في الصور الأربعة أي الحالين و المؤجلين و المختلفين، و اما إذا كانا مضمونين بالعقد فالمؤجلان منهما لا ريب في بطلانه، بل يمكن اندراجه في بيع الكالي بالكالي و قد عرفت الحال فيه في تأجيل ثمن السلف إذ هو هو، و الحالان منهما لا إشكال في صحتهما للعمومات كالمختلفين، و أما إذا كان أحدهما مضمونا بالعقد و الأخر قبله فان كان المضمون سابقا سلما لم يجز بيعه قبل حلوله مطلقا و جاز بعده إذا كان الثمن حالا، و ان لم يكن سلما جاز قبل حلوله بعين حاضرة، و بكلي مضمون بالعقد حال لا مؤجل على الأقوى، و لو جعل المضمون سابقا ثمنا لعين أو كلي حال جاز قطعا إذا كان حالا، من غير فرق بين السلم و غيره و ان كان مؤجلا فوجهان، إذا كان سلما أقواهما العدم، بناء على عدم الفرق في المنع بين جعله ثمنا أو مثمنا قبل حلول اجله و ان لم يكن سلما فالأقوى الجواز بل ينبغي القطع به إذ هو كالعكس فتأمل جيدا.
و قد تلخص مما ذكرنا جواز بيع الحال بالحال مع عدم أجل لهما في السابق فضلا عن الحالين بالعقد، و عن الحال كذلك بالمؤجل السابق أو بالعقد، لما عرفته من عدم ارادة ما يشمل الكلى المضمون حالا، و قيمة المغصوب و نحوها من بيع الدين بالدين‌


جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌24، ص: 348‌
و مدار البحث على اعتبار الأجل في صدق اسم الدين هنا و صدقه عليه بعد حلوله و على عدم اعتبار سبق الدينية في صدق بيع الدين بالدين و الله العالم.
________________________________________
نجفى، صاحب الجواهر، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، 43 جلد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، هفتم، 1404 ه‍ ق




سؤال و جواب (للسيد اليزدي)؛ ص: 205
سؤال 341 [اقسام بيع دين و احكام آنها]
ما يقول مولانا في بيع الدين على من هو عليه أو على غيره، قبل حلول الأجل أو بعده، الدين طعام أو غيره، بيعه بثمن حال أو مؤجل؟
جواب: أما قبل الأجل فإن كان ذلك الدين مبيعا في السلم فلا يجوز بيعه مطلقا و لو على من هو عليه، سواء كان بثمن معين أو كلي في الذمة، حال أو مؤجل. و إن كان من غير مبيع السلم، أو كان بعد حلول الأجل مطلقا و لو في السلم، فيجوز بيعه بثمن شخصي أو كلي في الذمة، حال بجنسه بشرط المساواة إذا كان من الربويات، و بغير جنسه مطلقا. و لا يجوز بيعه بثمن مؤجل أو بدين آخر و لو حال الأجل.
هذا إذا لم يكن مكيلا أو موزونا، أو كان منهما و لم يكن تملكه بالشراء، و أما المكيل أو الموزون اللذان كان تملكهما بالشراء، ففي جواز بيعه على غير من عليه قبل القبض، سواء كان قبل حلول الأجل أو بعده، و سواء كان الثمن شخصيا أو كليا في الذمة حالا، إشكال و خلاف: بين قائل بالحرمة مطلقا و قائل بالكراهة مطلقا و مفصل بين الطعام فالتحريم و غيره فيجوز، و مفصل بين المرابحة فلا يجوز و غيرها فيجوز، و مفصل بين التولية فيجوز و غيرها فلا يجوز، و الأحوط تركه خصوصا في الطعام في غير بيع التولية، و أما بيع التولية فلا يخلو جوازه من قوة، و إن كان الأحوط تركه أيضا.
و أما ثمن قرار دادن دين قبل از حلول اجل، پس جواز آن در مورد منع مبيع قرار دادن، محل اشكال است. و هم چنين بعد از حلول و قبل از قبض، در مكيل و موزون (و اللّٰه العالم).
________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، سؤال و جواب (للسيد اليزدي)، در يك جلد، مركز نشر العلوم الإسلامي، تهران - ايران، اول، 1415 ه‍ ق





جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌24، ص: 320
و أما انه يجوز بعد حلوله و قبضه، فلا خلاف فيه و لا اشكال، بل الأقوى الجواز و ان لم يقبضه على من هو عليه و على غيره بجنس الثمن و مخالفه بالمساوي له أو بالأقل أو بالأكثر ما لم يستلزم الربا، سواء كان المسلم فيه طعاما أو غيره مكيلا أو موزونا أو معدودا أو غيره، لإطلاق الأدلة و عمومها، و خصوص‌.................

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌24، ص: 321
بناء على ان المراد بذلك كله خصوصا الأخير البيع لا الوفاء بدونه، و قصورها سندا أو دلالة منجبر بالشهرة المحكية و المحصلة، كما أن اختصاص مواردها بالبيع على من له عليه غير قادح بعد تتميمه بما في الرياض من انه لا قائل بالفرق بين الطائفة.
و ان كان قد يناقش بما في التنقيح من الإجماع على صحة بيع السلم بعد حلوله قبل قبضه على من هو عليه، اما على غيره ففيه خلاف، قال الشيخ يصح، و منعه ابن إدريس و هو كذلك، لأنه في السرائر في باب السلم بعد ان حكى عن الشيخ الجواز مطلقا قال:
قد حررنا القول في بيع الدين و قلنا: انه لا يجوز الا على من هو عليه، و شرحناه و أوضحناه في باب الديون بما لا طائل في إعادته، فجعل ما نحن فيه من جزئيات تلك المسألة و كيف كان ففي الرياض انه قد خالف في ذلك الشيخ في التهذيب حيث منع من البيع بالدراهم إذا كان الثمن الأول كذلك، ل‍‌



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌15، ص: 65
[في حكم بيع الدين]
و يصحّ بيع الدين على من هو عليه و على غيره (1)
______________________________
[في حكم بيع الدين]
قوله: (و يصحّ بيع الدين على من هو عليه و على غيره)
قد تقدّم «1» الكلام فيه في باب السلم. و قال أيضا في المقام في «المختلف «2»»: يجوز بيع الدين، و هو مذهب علمائنا، و لا فرق بين بيعه على من هو عليه و لا على غيره، و في «اللمعة «3» و الروضة «4»» أنّه المشهور. و نسبه في «المبسوط «5»» إلى رواية أصحابنا.
و في «السرائر «6»» أنّ إجماعهم منعقد بغير خلاف على صحّة بيع الدين و إمضائه و أخبارهم على ذلك، و كذلك أقوالهم و تصنيفاتهم و مسطوراتهم و فتاواهم إلّا أنّه خصّه ببيعه على من هو عليه كما ستسمع.
و المراد بعد الحلول بما هو حاضر، و أمّا قبله فستسمع الكلام فيه.
و المخالف فيما نحن فيه ابن إدريس، فمنع من بيعه على غير من هو عليه استنادا إلى دليل قاصر و تقسيم غير حاصر. و قد نقل كلامه في «المختلف «7»» برمّته على طوله و بالغ في ردّه، و قد رماه جماعة «8» بالضعف للأصل و العمومات السالمة عن المعارض إلّا ما يظهر من «السرائر» من دعوى الإجماع الموهون بمصيرهم إلى خلافه.
______________________________
(1) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(2) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 379.
(3) اللمعة الدمشقية: في الدين ص 135.
(4) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19- 23.
(5) المبسوط: في المكاتب ج 6 ص 126- 127.
(6) السرائر: في وجوب قضاء الدين إلى الحيّ و الميّت ج 2 ص 39.
(7) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 379- 381.
(8) منهم المحقّق الكركي في جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 18، و السبزواري في الكفاية:
في الدين ج 1 ص 535، و السيوري في التنقيح: في السلم ج 2 ص 146، و الشهيد الثاني في المسالك: في السلف ج 3 ص 433.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 66‌
..........
______________________________
و أمّا بيعه قبل الأجل ففي «السرائر «1»» إن كان مؤجّلا لا يجوز بيعه على من هو عليه بلا خلاف، و يلزم عليه بطريق الأولويّة تحريمه على غيره. و في «التنقيح «2»» أنّ المشهور أنّ الدين لا يجوز بيعه قبل حلوله مطلقا. و هو ظاهر جماعة كالمحقّق في «الشرائع «3» و النافع «4»» و المصنّف في «الإرشاد «5»» و ما يأتي من الكتاب «6» و غيرهما «7»، و صريح آخرين منهم المصنّف في «التحرير «8»» و الشهيد في «الدروس «9»».
و الجواز خيرة جماعة كالمصنّف في «التذكرة «10» و المختلف «11»» و الشهيدين في «اللمعة «12» و الروضة «13»» و صاحب «إيضاح النافع» و المقدّس الأردبيلي «14» و المولى الخراساني «15». و مال إليه في «المسالك «16»» و كأنّ المحقّق الثاني «17» متردّد.
و قد نصّ أكثر هؤلاء على أنّ ذلك- أي الجواز- إنّما هو فيما إذا باعه بالحال‌
______________________________
(1) السرائر: في وجوب قضاء الدين إلى الحيّ و الميّت ج 2 ص 39.
(2) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 146.
(3) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 66.
(4) المختصر النافع: في السلف ص 134.
(5) إرشاد الأذهان: في الديون و توابعه ج 1 ص 391.
(6) قواعد الأحكام: في القرض ج 2 ص 106.
(7) تبصرة المتعلّمين: في الديون ص 112.
(8) تحرير الأحكام: في بيع الدين ج 2 ص 457.
(9) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
(10) تذكرة الفقهاء: في الديون ج 13 ص 20.
(11) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 371.
(12) هذا هو الموجود في أكثر نسخ اللمعة المشروحة و غيرها، و قد نسبه في أكثر نسخها إلى الشهرة و في بعض نسخها لم تنسب الفتوى المذكورة إلى الشهرة، فراجع اللمعة الدمشقية: ص 135.
(13) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19.
(14) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 97.
(15) كفاية الأحكام: في الدين ج 1 ص 535.
(16) مسالك الأفهام: في أحكام بيع السلف ج 3 ص 432.
(17) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 38.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 67‌
..........
______________________________
لا بالمؤجّل. و في «الروضة «1»» مال إلى جوازه بالمؤجّل أيضا، و كذلك المقدّس الأردبيلي «2» و قوّاه صاحب «إيضاح النافع» و لقد خبط صاحب «غاية المرام «3»» في المقام فتوقّ خبطه.
و لعلّ مستند المانعين بعد الإجماع الظاهر من «السرائر» المعتضد بشهرة «التنقيح» إجماعهم على عدم جواز بيع السلم قبل حلوله. و هو محكي في «كشف الرموز و التنقيح» و ظاهر «الغنية و جامع المقاصد و مجمع البرهان و الكفاية» كما بيّنّا «4» ذلك كلّه و قلنا: إنّ المخالف صاحب «الوسيلة» في ظاهره و بعض من تأخّر ممّن ندر مستندا إلى أنّه حقّ مالي فيجوز بيعه، و لا ينافيه عدم استحقاق المشتري له لتعلّق ذلك بالمطالبة دون الملكيّة ... إلى آخر ما بيّناه هناك.
و قد يضعّف «5» بأنّ ذلك مبنيّ على حصول الملكيّة و هي محلّ مناقشة، إذ هي فرع الانتقال و هو مشروط بانقضاء المدّة، فصرف الاستحقاق المنفي إلى المطالبة خاصّة دون الملكيّة لا وجه له، لظهور اشتراطها بانقضاء المدّة، و فيه نظر ظاهر، فالمدار على الإجماع، و حينئذ فيتّجه للقائل بالجواز أن يقول: إنّ الإجماع مفقود فيما نحن فيه، فيبقى الأصل و العمومات سالمة عن المعارض.
ثمّ إن سلّمنا عدم انتقال المال المسلم فيه حين العقد قلنا: إنّ الملكيّة حاصلة فيما نحن فيه بمجرّد السبب، غاية الأمر توقّف المطالبة على انقضاء الأجل كما في مهر الزوجة، و لذا أطبقوا على المنع في السلف و اختلفوا هنا، فقد ظهر ما يحتجّ به لكلّ من القولين.
______________________________
(1) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19.
(2) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 97.
(3) غاية المرام: في السلف ج 2 ص 120- 121.
(4) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(5) كما في الرياض: في السلف ج 8 ص 448.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 68‌
فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري و إن كان الثمن أقلّ على رأي. (1)
______________________________
و وجه جوازه بالمؤجّل يتوقّف على بيان المراد من الدين في بيع الدين بالدين الّذي نهي عنه في خبر طلحة و انعقد الإجماع عليه هل هو ما كان دينا قبل العقد كما هو ظاهر جماعة فيخصّ بذلك؟ أو يشمل ما صار دينا بسبب العقد و إن لم يكن دينا؟ و قد تقدّم «1» منّا بيان ذلك في أوّل المقصد الرابع في أنواع البيع. و قلنا هناك إنّ المشهور الثاني، و في باب السلف «2» ظهر لنا أنّه محلّ إجماع، لأنّ المسلم فيه ليس بدين حال العقد و إنّما يصير دينا به مع أنّ ظاهرهم الإجماع كما هو صريح «جامع المقاصد «3»» على أنّه من بيع الدين المنهيّ عنه لو كان الثمن دينا كما أوضحنا ذلك فيما سلف «4». و قد تقدّم «5» في أوّل هذا الباب- أي باب الدين- عن «الوسيلة و جامع الشرائع» ما قد يدلّ على ذلك، و تقدّم «6» في باب الصرف ما له نفع تامّ في المقام. و تمام الكلام يأتي قريبا «7» عند تعرّض المصنّف له عند قوله «و لا يصحّ بيع الدين بدين آخر».
قوله: (فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري و إن كان الثمن أقلّ على رأي)
قاله المتأخّرون كما في «الدروس «8» و المهذّب البارع «9»»‌
______________________________
(1) تقدّمت الإشارة إلى ذلك في ج 4 ص 425- 426 و لم نجد هناك ذكرا للشهرة على الثاني بل و لم يذكر المسألة هناك صريحا إلّا ما ذكره عن المهذّب البارع الّذي لا إشارة فيه إلى المسألة، فراجع.
(2) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(3) جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 229.
(4) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(5) تقدّم ذكره في ص 8.
(6) تقدّم في ج 13 ص 551- 557.
(7) سيأتي في ص 90- 98.
(8) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
________________________________________
عاملى، سيد جواد بن محمد حسينى، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة (ط - الحديثة)، 23 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق




مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌13، ص: 779
لكن بيع الدين قبل قبضه و بعد حلوله إذا لم يكن سلما ممّا لا خلاف فيه على الظاهر إلّا من ابن إدريس- كما سمعت- و من ابن حمزة في «الوسيلة» إذا كان طعاما كما عرفت، و ذلك ليس ممّا نحن فيه، لأنّ الخلاف فيما نحن فيه من المكيل و الموزون مبيعا و كراهية إنّما هو فيما إذا كان انتقل إليه بالبيع و أراد نقله به.
________________________________________
عاملى، سيد جواد بن محمد حسينى، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة (ط - الحديثة)، 23 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌13، ص: 774
[حكم بيع السلم قبل حلول أجله]
و لا يجوز بيع السلم قبل حلوله، (1)
______________________________
[حكم بيع السلم قبل حلول أجله]
قوله قدّس سرّه: (و لا يجوز بيع السلم قبل حلوله)
عدم جواز بيع السلم قبل حلوله إجماعي كما في «كشف الرموز «1» و التنقيح «2»» و ظاهر «الغنية «3» و جامع المقاصد «4» و مجمع البرهان «5» و الكفاية «6» و الحدائق «7»» و لا فرق في ذلك بين كونه على من هو عليه أو غيره حالّا أو مؤجّلا كما هو قضيّة كلامهم.
و في «الرياض» أنّه لم يظهر له خلاف في ذلك كلّه إلّا من بعض من ندر ممّن تأخّر «8». قلت: قد تعطي عبارة «الوسيلة» خلافا في المقام، قال: و إذا أراد أن يبيع المسلف ما أسلف فيه من المستسلف عند حلول الأجل أو قبله بجنس ما ابتاعه بأكثر من الثمن الّذي ابتاعه لم يجز، و إن باع بجنس غير ذلك جاز «9»، انتهى فليتأمّل.
و قد جوّز الشهيدان «10» و الفاضل الميسي الصلح عليه، و هذا منهم بناء على أنّ الصلح أصل لا فرع.
و من ندر ممّن تأخّر «11» نظر إلى أنّه حقّ مالي فيجوز بيعه و لا ينافيه عدم استحقاق المشتري له، لتعلّق عدم الاستحقاق بالمطالبة دون الملكية فإنّها حاصلة و إن لم‌
______________________________
(1) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 525.
(2) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 145.
(3) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(4) جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 241.
(5) مجمع الفائدة و البرهان: في السلف ج 8 ص 360.
(6) كفاية الأحكام: في السلف ج 1 ص 523.
(7) الحدائق الناضرة: في السلم ج 20 ص 35.
(8) رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 447.
(9) الوسيلة: في السلف ص 242.
(10) الدروس الشرعية: في السلف ج 3 ص 261، و الروضة: في السلف ج 3 ص 422.
(11) الوسيلة: في السلف ص 242.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 775‌
و يجوز بعده قبل القبض على الغريم و غيره على كراهية، (1)
______________________________
يجز له قبل الأجل المطالبة. و القدرة على التسليم المشترطة في صحّة المعاملة إنّما هي في الجملة لا حين إجراء عقد المعاملة، و إلّا لما صحّ ابتياع الحيوان الغائبة إلّا بعد حضورها و القدرة على تسليمها حين المعاملة، و ذلك معلوم الفساد، فالأصل في المسألة الإجماع، نعم إذا باعه حالّا بطل، لعدم استحقاق المطالبة.
قوله قدّس سرّه: (و يجوز بعده قبل القبض على الغريم و غيره على كراهية)
ذكر في «التذكرة» أنّ لعلمائنا في بيع ما لم يقبض خمسة أقوال:
الجواز على كراهية مطلقا، و المنع مطلقا، و المنع في المكيل و الموزون مطلقا و الجواز في غيرهما، و المنع في الطعام خاصّة، و المنع في المكيل و الموزون خاصّة إلّا تولية «1». و هذه الأقوال لم ينقلها هكذا أحد، بل ادّعى الإجماع على بيع ما عدا المكيل و الموزن «2».
و على كلّ حال فالّذي يظهر أنّ الأقوال أكثر من ذلك. و قد اختار في «التحرير» أنّه يحرم بيع الطعام قبل قبضه إلّا تولية «3». و هذا غير القول الخامس، لأنّ القول الخامس المنع في المكيل و الموزون إلّا تولية، و هو أعمّ. و ما في الكتاب كلّه صرّح به في موضع من «الشرائع «4» و التحرير «5» و اللمعة «6»» و كذا «التذكرة «7» و الإرشاد «8»» غير أنّه لم يذكر الكراهية فيهما.
______________________________
(1) تذكرة الفقهاء: في العوضين ج 10 ص 119- 122.
(2) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338، و في أحكام السلف: ص 430.
(3) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338، و في أحكام السلف: ص 430.
(4) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 65.
(5) تحرير الأحكام: في أحكام السلف ج 2 ص 430.
(6) اللمعة الدمشقية: في السلف ص 125.
(7) تذكرة الفقهاء: في السلم ج 11 ص 359 و ذكر فيها الكراهة.
(8) إرشاد الأذهان: في السلف ج 1 ص 372.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 776‌
..........
______________________________
و في «النهاية «1»» و موضع من «المبسوط «2» و الشرائع «3» و الإرشاد «4» و التحرير «5» و الكتاب» أيضا و «الدروس «6»» أنّه من ابتاع متاعا لم يقبضه ثمّ أراد بيعه كان مكروها إذا كان ممّا يكال أو يوزن. و هو خيرة «الإيضاح «7» و التنقيح «8» و جامع المقاصد «9» و مجمع البرهان «10»» و المحكي عن المفيد «11» و القاضي في الكامل «12».
و في موضع من «المبسوط «13» و التذكرة «14» و الميسية و المسالك «15»» في موضعين منه و «الروضة «16»» المنع من ذلك. و هو المنقول عن الحسن بن عيسى «17»، بل في باب القبض من «المبسوط» الإجماع على أنّه لا يجوز بيع المسلم فيه قبل القبض على من هو عليه و على غيره «18»، و في موضع من «المبسوط» الإجماع‌
______________________________
(1) النهاية: في السلف ص 398.
(2) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 119- 120.
(3) شرائع الإسلام: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 31.
(4) إرشاد الأذهان: في التسليم ج 1 ص 382.
(5) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338.
(6) الدروس الشرعية: في القبض ج 3 ص 211.
(7) إيضاح الفوائد: في التسليم ج 1 ص 508.
(8) التنقيح الرائع: في أحكام المبيع ج 2 ص 68.
(9) جامع المقاصد: في التسليم ج 4 ص 398.
(10) مجمع الفائدة و البرهان: في التسليم ج 8 ص 507.
(11) الحاكي عنه هو المقداد في التنقيح الرائع: في أحكام المبيع ج 2 ص 68.
(12) الحاكي عنه هو العلّامة في مختلف الشيعة: في القبض ج 5 ص 281.
(13) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 119.
(14) تذكرة الفقهاء: في العوضين ج 10 ص 129 و في السلم ج 11 ص 360.
(15) مسالك الأفهام: في التسليم ج 3 ص 247 و بيع السلف ص 424.
(16) الروضة البهية: في السلف ج 3 ص 421.
(17) نقله عنه فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد: في التسليم ج 1 ص 508، و الفاضل المقداد في التنقيح: ج 2 ص 68.
(18) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 122.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 777‌
..........
______________________________
على المنع منه في الطعام «1» «كالغنية «2»».
و في «الخلاف» يجوز بيع ما عدا الطعام ما لم يقبض «3». و هو خيرة القاضي في «المهذّب «4»». و هو الّذي استظهره في موضع من «التذكرة» على إشكال له فيه «5».
و في «التحرير» يحرم إذا كان طعاما إلّا تولية «6». و في موضع آخر من «المبسوط» المنع عن بيع ما لم يقبض مطلقا «7» و لو كان مال كتابة كما ستعرف «8». و في «النافع «9»» عين ما في الكتاب إلّا أنّه خصّص الكراهية بالطعام.
و أبو جعفر الطوسي منع من بيع الطعام قبل القبض سواء كان مبيعا أو قرضا، و قال: إنّ غير الطعام يجوز بيعه قبل القبض على كلّ حال إلّا أن يكون سلفا «10».
و أبو الصلاح قال: يصحّ بيع ما استحقّ تسليمه قبل أن يقبضه و ينوب قبض الثاني عن الأوّل «11» و أطلق. و في «المقنع «12»» لا يجوز أن يشتري الطعام ثمّ يبيعه قبل أن يقبضه، و روي في حديث أنّه لا بأس أن يشتري الطعام ثمّ يبيعه قبل أن يقبضه «13».
و نقل «14» عن الشهيد أنّه حكى عن كثير من الأصحاب منهم ابن أبي عقيل القول‌
______________________________
(1) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 122.
(2) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(3) الخلاف: في البيع ج 3 ص 97 مسألة 158.
(4) المهذّب البارع: في بيع ما لم يقبض ج 1 ص 385.
(5) تذكرة الفقهاء: في العوضين ج 10 ص 122.
(6) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338.
(7) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 120.
(8) سيأتي في ص 779.
(9) المختصر النافع: في السلف ص 134.
(10) الوسيلة: في بيع ما لم يقبض ص 252.
(11) الكافي في الفقه: في البيع ص 355.
(12) المقنع: في المكاسب و التجارات ص 367.
(13) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب أحكام العقود ح 6 ج 12 ص 388.
(14) الناقل عنه المقداد في التنقيح الرائع: في القبض ج 2 ص 68.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 778‌
..........
______________________________
بالتحريم مطلقا طعاما كان أو غيره. و قد سمعت ما وجدنا حكايته عن ابن أبي عقيل. و في موضع من «الدروس «1»» الأقرب الكراهية في المكيل و الموزون، و تتأكّد في الطعام، و آكد منه إذا باعه بربح. و نحوه ما في موضع من «النافع «2» و كشف الرموز «3»». و في «التحرير» في آخر بحث الصبرة: أنّ بيع الطعام قبل قبضه مكروه عندنا «4»، و ظاهره الإجماع عليه. و جوّز في «المراسم «5»» البيع بعد الأجل، و أطلق و لم يفصّل. و قال في موضع آخر: يجوز بيع الدين قبل قبضه «6».
و في دين «السرائر «7»» أنّه لا يصحّ بيعه على غير من هو عليه، لأنّه غير معيّن.
و قال في سلف «السرائر «8»»: يجوز بيعه على الّذي هو عليه بزيادة أو نقصان من دون ذكر كراهية. و ظاهر الشيخ في «التهذيب «9»» المنع من البيع بالدراهم إذا كان الثمن الأوّل كذلك للخبر، و قد حملا «10» على ما إذا تفاوت الثمن بالزيادة. و نسب في «كشف الرموز «11»» إلى الشيخ و أتباعه جواز بيعه على من هو عليه و على غيره، و نسب الخلاف إلى ابن إدريس في باب الدين. و في «التنقيح» الإجماع على صحّة بيعه على من هو عليه «12». و في «التحرير» يجوز بيع ما لا يكال و لا يوزن قبل قبضه إجماعا «13».
______________________________
(1) الدروس الشرعية: في القبض ج 3 ص 211.
(2) المختصر النافع: في القبض ص 124.
(3) كشف الرموز: في القبض ج 1 ص 472.
(4) تحرير الأحكام: في أحكام الصبرة ج 2 ص 344.
(5) المراسم: في البيع بالنسيئة ص 174 و في بيع الأرزاق ... ص 181.
(6) المراسم: في البيع بالنسيئة ص 174 و في بيع الأرزاق ... ص 181.
(7) السرائر: في بيع الديون ج 2 ص 55.
(8) السرائر: في السلف ج 2 ص 314.
(9) تهذيب الأحكام: ب 3 في بيع المضمون ذيل ح 129 ج 7 ص 30- 31.
(10) كما في الرياض: في السلف ج 8 ص 449.
(11) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 525.
(12) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 145.
(13) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 779‌
..........
______________________________
هذا كلامهم في ما يتعلّق في المنع و الجواز مع الكراهة و بدونها و البيع على من هو عليه و غيره مع قطع النظر عن التفاوت بزيادة الثمن و عدمه. و هذا الّذي ذكرناه من أقوالهم نقلناه من كلامهم في المقام و في باب بيع ما لم يقبض بناء منّا على أنّ المسألتين من سنخ واحد كما هو الظاهر من كلماتهم و ملاحظة أدلّتهم و قضية قواعدهم و صريح بعضهم.
لكن بيع الدين قبل قبضه و بعد حلوله إذا لم يكن سلما ممّا لا خلاف فيه على الظاهر إلّا من ابن إدريس- كما سمعت- و من ابن حمزة في «الوسيلة» إذا كان طعاما كما عرفت، و ذلك ليس ممّا نحن فيه، لأنّ الخلاف فيما نحن فيه من المكيل و الموزون مبيعا و كراهية إنّما هو فيما إذا كان انتقل إليه بالبيع و أراد نقله به.
و أمّا في صورة التفاوت فالمفيد و الحلّيون على الجواز كما في «الدروس «1»»، قال: و هو ظاهر مرسلة أبان «2» و مكاتبة ابن فضّال «3». قلت: و هو خيرة «المختلف «4»» و ظاهر «النهاية «5»» و موضع من «المبسوط «6»» و موضعين من «الشرائع «7»» و غيرها «8» كما أسمعناك ذلك كلّه. و قد وافقهم أبو المكارم «9» و أبو الصلاح فيما حكي «10» عنه فيما إذا باعه على غير من هو عليه، و ادّعى الأوّل الإجماع عليه. و قد سمعت ما في «المراسم» و ما في «السرائر» في موضعين منها. و في «الحدائق «11»» أنّ هذا القول‌
______________________________
(1) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 258.
(2) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 5 و 8 ج 13 ص 69 و 70.
(3) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 5 و 8 ج 13 ص 69 و 70.
(4) مختلف الشيعة: في السلف ج 5 ص 139.
(5) النهاية: في باب البيع بالنقد و النسيئة ص 388.
(6) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 123.
(7) شرائع الإسلام: في النقد و النسيئة ج 2 ص 26، و في أحكام السلف ص 66.
(8) كالدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 258.
(9) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(10) الحاكي عنه هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(11) الحدائق الناضرة: في السلم ج 20 ص 40.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 780‌
..........
______________________________
مشهور بين الأصحاب على كراهية في المكيل و الموزون.
حجّة هذا القول الأصل و العمومات السليمة عمّا يصلح للمعارضة سوى صحاح غير صريحة الدلالة على وقوع المعاملة الثانية، فيحتمل ورودها في الفسخ خاصّة، و لا ريب حينئذ في المنع عن الزيادة مع التجانس في الكيل و الوزن، و ما روي في «الكافي «1» و التهذيب «2»» عن أحمد عن ابن أبي عمير عن أبان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يسلف الدراهم في الطعام إلى أجل فيحلّ الطعام، فيقول: ليس عندي طعام، و لكن انظر ما قيمته فخذ منّي ثمنه، قال: لا بأس بذلك. و هذا الخبر يلحق بالصحيح أو بالموثّق عند جماعة «3». و قد عضده مكاتبة ابن فضّال «4» و مكاتبة عليّ بن محمّد، قال: كتبت إليه «5» ... الحديث.
و خبر عليّ بن جعفر «6» فإنّه بإطلاقه شامل لما نحن فيه صريح في الربح، و قوله عليه السّلام:
«لم يصلح» ظاهر في الكراهية، و الخبر صحيح على الصحيح، لأنّ طريق الشيخ إلى عليّ بن جعفر صحيح، فقول بعضهم «7» «إنّه ضعيف» غفلة.
و ذهب الشيخ في موضع من «النهاية «8»» و أبو جعفر في «الوسيلة «9»» إلى أنّه في صورة التفاوت بالزيادة لا يجوز. و هو المحكي عن أبي عليّ «10» و العماني «11» و القاضي «12». و حمل عليه كلام «التهذيب «13»» و هو قضية كلام أبي المكارم فيما إذا‌
______________________________
(1) الكافي: في باب السلم في الطعام ح 6 ج 5 ص 185.
(2) تهذيب الأحكام: ب 3 في بيع المضمون ح 127 ج 7 ص 30.
(3) منهم الطباطبائي في الرياض: ج 8 ص 451، و البحراني في الحدائق: ج 20 ص 38.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 8 و 11 و 12 ج 13 ص 70- 71.
(5) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 8 و 11 و 12 ج 13 ص 70- 71.
(6) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 8 و 11 و 12 ج 13 ص 70- 71.
(7) كالطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(8) النهاية: في السلف ص 397.
(9) الوسيلة: في السلف ص 242.
(10) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(11) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(12) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(13) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 781‌
..........
______________________________
باعه على المسلم عليه بجنسه «1». و في «الدروس «2»» أنّه مذهب الأكثر و الرواية به أشهر. و حكى صاحب «الرياض «3»» عن أبي الصلاح نقل الإجماع عليه و ادّعى أنّه- أي الإجماع- ظاهر «الغنية» و الموجود في «الغنية» ما أسمعناكه أوّلا و آخرا.
و الأخبار الدالّة عليه صحيحتا محمّد بن قيس «4» و صحيحة سليمان بن خالد «5» و صحيحة يعقوب بن شعيب «6» و موثّقة عبد اللّه بن بكير «7» و غيرها «8». و هذه الأخبار و إن قلنا إنّها غير صريحة الدلالة في المعاملة الثانية إلّا أنّ منها ما هو ظاهر في ذلك كإحدى صحيحتي محمّد بن قيس الواردة في رجل أعطى رجلا ورقا في وصيف إلى أجل مسمّى، فقال له صاحبه: لا أجد لك وصيفا خذ منّي قيمة وصيفك اليوم ورقا، فقال: لا يأخذ إلّا وصيفه أو ورقه الّذي أعطاه أوّل مرّة و لا يزداد عليه شيئا. و كقوله عليه السّلام في صحيحه الآخر: فلا يأخذ إلّا رأس ماله لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ. و لو سلّم عدم الظهور فإطلاقها يشمل المعاملة الثانية، و هذا بالنظر إلى الأصل و العمومات خاصّ فليقدّم.
على أنّ أخبار القول الأوّل قابلة للحمل على صورة عدم الزيادة مع الفسخ و الإقالة أو عدم المجانسة، و لا ريب في ذلك نصّا و فتوى، ففي صحيحة العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتّى إذا حضر الأجل لم يكن عنده طعام و وجد عنده دوابا و رقيقا و متاعا أ يحلّ له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه؟ قال: نعم يسمّي كذا و كذا صاعا «9». و هذا الخبر كصحيح محمّد بن قيس و غيره صريح في جواز بيع الطعام على من هو عليه قبل‌
______________________________
(1) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(2) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 258.
(3) رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(5) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(6) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(7) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(8) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(9) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 6 ج 13 ص 69.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 782‌
..........
______________________________
القبض من دون كراهية فضلا عن الحرمة. و لعلّ من كره أو حرّم نظر إلى إطلاق النصوص المانعة من بيعه قبل قبضه. و فيه: أنّ هذه مقدّمة لخصوصها لكن في مواردها، و هو البيع على من هو عليه خاصّة، و لعلّ القول بها على الإطلاق غير بعيد تفصّيا من شبهة الخلاف و دعوى الإجماع و الإطلاق المشار إليه.
و ليعلم أنّ أكثر الأخبار المانعة مصرّحة بالطعام و أطلق في صحيحة منصور بن حازم «1» و معاوية بن رهب «2» النهي عن بيع كلّ المكيل و الموزون إلّا تولية. و هل يحمل المطلق على المقيد في المقام أولا لعدم التنافي حتّى يجمع بينهما بالحمل على المقيّد؟
و قد تحصّل من هذين القولين أنّ البيع قبل القبض بمجانس الثمن- ربويّين كانا أو لم يكونا إذا لم يكن بين الثمنين الربويّين تفاوت بزيادة و لا نقيصة- ممّا اتفق عليه أصحاب هذين القولين.
و يدلّ عليه بعد الأصل و العمومات الأخبار الصحاح و المعتبرة، و مواردها و إن اختصّت بالبيع على المسلم لكن القائل بالفصل نادر.
و المراد بالطعام الحنطة و الشعير، لأنّه معناه شرعا كما نبّهوا «3» عليه في مواضع منها حلّ طعام أهل الكتاب «4». و به صرّح فخر الدين كما حكي «5» عنه. و استجوده بعض المتأخّرين «6» اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقّن. و قيل «7»: المراد به كلّ ما‌
______________________________
(1) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب السلف ص 67.
(2) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب أحكام العقود ح 11 ج 12 ص 389.
(3) المنبّه على ذلك- مضافا إلى أهل اللغة كالطريحي في المجمع: ج 6 ص 105 نقلا عن غيره و الجوهري في الصحاح: ج 5 ص 1974، و قد استشهد بحديث أبي سعيد و غيرهما- البحراني في الحدائق: ج 5 ص 171 نقلا عن جملة من أفاضل أهل اللغة و الشهيد الأوّل في الدروس: ج 2 ص 186، و الشهيد الثاني في المسالك: ج 10 ص 94.
(4) المائدة: 5.
(5) حكاه الشهيد الثاني و استجوده في مسالك الأفهام: في التسليم ج 3 ص 248.
(6) حكاه الشهيد الثاني و استجوده في مسالك الأفهام: في التسليم ج 3 ص 248.
(7) الحدائق الناضرة: في أحكام القبض ج 19 ص 179.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 783‌
..........
______________________________
اعدّ للأكل كما هو موضوعه لغة. و حكى الشهيد «1» في باب القبض عن المصنّف في التحرير أنّه الحنطة خاصّة. و هو محكي «2» عن بعض أهل اللغة.
و على القول بالمنع مطلقا أو على بعض الوجوه هل يقع البيع باطلا أو يأثم خاصّة؟
يبنى على أنّ النهي في المعاملة يقتضي الفساد أولا. و في «المختلف «3» و التنقيح «4»» أنّه لا يبطل و إنّما يأثم و بالبطلان صرّح ابن أبي عقيل فيما حكي «5» عنه. و هو الأصحّ.
و من أراد الوقوف على الأخبار في الباب فليلحظ «الوافي «6»» في المقام و في باب بيع الشي‌ء بعد شرائه و قبل كيله أو قبضه، لكن أخبار الباب على كثرتها مخصوصة بالبيع على من عليه الدين، و أخبار بيع الشي‌ء قبل قبضه بعد ضمّ مطلقها إلى مقيّدها و مجملها إلى مبيّنها ظاهرة في البيع على الغير. و قد يتخيّل من ذلك أنّ المسألتين ليستا من واد واحد و ليس كذلك و إن أوهمته بعض الروايات أو احتمل من كلامهم في بعض المقامات. و من لحظ كلامهم و أدلّتهم في البابين علم اتّحاد المسألتين.
و هنا فوائد طفحت بها عباراتهم و قد ذكرها في «التنقيح» نافيا عنها الخلاف، قال:
الاولى: لم نسمع خلافا بين أصحابنا و غيرهم في جواز بيع الأمانات قبل قبضها لتمام الملك و عدم كونها مضمونة على من هي في يده، و كذا المملوك بالإرث إلّا أن يكون الموروث ملكه بالشراء و لم يقبضه. قلت: في الاستثناء نظر، لأنّ انتقاله إلى الوارث بالإرث واسطة بين البيعين، و كذلك الحال في الصداق إذا كان المصدق اشتراه و لم يقبضه ثمّ أصدقه و أرادت المرأة بيعه. و مثله عوض الخلع‌
________________________________________
عاملى، سيد جواد بن محمد حسينى، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة (ط - الحديثة)، 23 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق






الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 35
المسألة الثانية لو أراد بيع ما أسلف فيه‌
فهنا صور، احديها بيعه قبل حلول الأجل حالا، و الظاهر أنه لا خلاف في عدم الجواز لعدم استحقاقه له «1».
______________________________
(1) أقول عبائر جملة الأصحاب حتى الأصحاب المتون انه لا يجوز بيعه قبل حلوله و هو أعم من أن يكون المبيع حالا أو مؤجلا، و الثمن ايضا حالا أو مؤجلا، و قال في المهذب: الدين المؤجل منع ابن إدريس من بيعه مطلقا و ادعى عليه الإجماع، و أجاز العلامة بيعه على من هو عليه، فيباع بالحال لا بالمؤجل انتهى. و تعليل المحقق المشار إليه في الأصل في الصورة الثانية بلزوم منع من الدين انما يتجه فيما إذا كان الثمن مؤجلا و اما لو كان نقدا فلا، و المدعى في كلامهم أعم من ذلك كما عرفت- منه رحمه الله.
الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 36‌
و ثانيها الصورة المذكورة الا انه يبيعه مؤجلا، و ظاهر الأصحاب العدم ايضا، قال بعض المحققين بعد نقل ذلك عنهم: و كان دليله الإجماع، و احتمال دخوله تحت بيع الدين بالدين، ثم قال: فتأمل خصوصا على من هو عليه، لانه مقبوض له انتهى.
و ثالثها بيعه بعد الحلول و بعد القبض، و لا خلاف في صحة البيع.
و رابعها بعد الحلول و قبل القبض، و المشهور أنه يجوز بيعه من البائع بزيادة و نقصان، سواء كان من جنس الثمن أم لا، و منع الشيخ في التهذيب من بيعه بعد الأجل بجنس الثمن مع الزيادة، و به قال ابن الجنيد و ابن ابى عقيل و ابن البراج و ابن حمزة، و الروايات في هذه الصورة لا يخلو من اختلاف، فالواجب أولا نقل ما وصل إلينا منها ثم الكلام فيما يحصل به الجمع بينها.
الاولى ما رواه‌
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق




الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 40
هذا جملة ما حضرني من الاخبار، و المشهور بين الأصحاب في هذه المسألة هو جواز البيع على من عليه الحق و غيره بزيادة أو نقيصة، و ان كان على كراهية في المكيل و الموزون، لان هذه المسألة عندهم أحد جزئيات مسألة بيع الشي‌ء قبل قبضه، و قد تقدم الكلام عليها في فصل بيع النقد و النسية و المشهور بينهم ثمة هو الجواز على كراهية في المكيل و الموزون فجروا هنا على ذلك، و قد عرفت آنفا أن المختار في تلك المسألة هو التحريم، وفاقا لجمع من المتقدمين و لشيخنا الشهيد الثاني من المتأخرين.
و لكن أخبار هذه المسألة كما سيظهر لك إنشاء الله مما يؤذن بمغايرة المسألتين، و يعضده أن مورد أخبار هذه المسألة كلها على كثرتها و اختلافها مخصوصة بالبيع على من عليه الدين، بخلاف أخبار تلك المسألة فإنها بعد ضم مطلقها الى مقيدها و مجملها‌
______________________________
(1) الكافي ج 5 ص 186 التهذيب ج 7 ص 29 الفقيه ج 3 ص 166.
(2) الكافي ج 5 ص 186 الفقيه ج 3 ص 165.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 41‌
الى مفصلها ظاهرة في البيع على الغير، و يدل على القول المشهور الخبر السابع و الثامن و التاسع، فإنها ظاهرة في الجواز بزيادة أو نقيصة.
و يؤيده أيضا أنه كسائر أمواله له الاختيار في بيعها بزيادة عما اشترى أو نقيصة، الا أن جل الأخبار المتقدمة قد منعت من الزيادة على رأس المال صريحا في بعض و ظاهرا في آخر، و هذا مما يؤذن بالمغايرة بين المسألتين أيضا، و الأصحاب رضوان الله عليهم لم ينقلوا إلا صحيحتي محمد بن قيس، و حملوهما على كراهة البيع قبل القبض، أو الاستحباب:
و الأقرب في الجمع بين الاخبار المذكورة انما هو حمل ما دل على أخذ رأس المال خاصة- و المنع من الزائد- على ما إذا فسخ العقد الأول «1» لتعذر المبيع كلا أو بالنسبة الى ما تعذر منه من نصفه أو ثلثه، فإنه في هذه الحال لا يجوز أخذ الزائد على رأس المال، لاستلزامه الربا، و الاخبار الدالة على القول المشهور على ظاهرها من بقاء المبيع من غير فسخ، فله بيعه بما شاء زيادة و نقيصة.
و أما ما دل عليه الخبر الثاني عشر و الثالث عشر- من النهى عن الشراء بالدراهم المرسلة اليه الا ان يكون معه آخر يشترى و يوفيه فهي محمولة على خوف التهمة، بدليل الخبر الرابع عشر، لا ما حمله عليه في الوافي من فسخ البيع و الوقوع في الربا، فان ظاهر الاخبار الثلاثة أنه أرسل إليه الدراهم و جعله وكيلا عنه في الاشتراء و الإقباض، و لكن حصل النهي في بعضها للعلة التي ذكرناها، كما أفصح به‌
______________________________
(1) و انما حملت الأخبار المذكورة على فسخ العقد لأن الحق الثابت في الذمة انما هو الجنس الذي أسلم فيه، فالواجب دفعه أو قيمته ان كان قيميا أو مثله ان كان مثليا، فان هذا هو مقتضى القواعد الشرعية، لكن لما دلت هذه الاخبار على خلاف ذلك من أخذ رأس المال خاصة فلا بد من حملها على فسخ العقد، لتعين أخذ رأس المال خاصة، و لا يجوز الزيادة حينئذ لوقوع الربا بذلك.
منه رحمه الله.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 42‌
البعض الأخر.
و استند الشيخ فيما تقدم نقله عنه الى الخبر الخامس، قال في التهذيب بعد إيراد الخبر السابع و الثامن ثم الخبر الخامس قال محمد بن الحسن: الذي افتى به ما تضمنه الخبر الأخير من أنه إذا كان الذي أسلف فيه دراهم لم يجز له أن يبيع عليه بدراهم، لانه يكون قد باع دراهم بدراهم.
و ربما كان فيه زيادة و نقصان، و ذلك ربا، و لا تنافي بين هذا الخبر و الخبرين الأولين، لأن الخبر الأول مرسل غير مسند، و لو كان مسندا لكان قوله «انظر ما قيمته على السعر الذي أخذت منى» فإنا قد بينا أنه يجوز له أن يأخذ القيمة برأس ماله من غير زيادة و لا نقصان، و الخبر الثاني أيضا مثل ذلك، و ليس في واحد من الخبرين أنه يعطيه القيمة بسعر الوقت، و إذا احتمل ما ذكرناه فلا تنافي بينهما على حال، على أن الخبرين يحتملان وجها آخر و هو أن يكون انما جاز له أن يأخذ الدراهم بقيمته إذا كان قد أعطاه في وقت السلف غير الدراهم، و لا يؤدى ذلك الى الربا لاختلاف الجنسين انتهى.
و لا يخفى بعد ما ذكره، سيما الاحتمال الأخير فإن أحد الخبرين المذكورين في كلامه و هو مرسلة أبان صريح في كونه أسلف دراهم، و قد اعترضه في هذا الاستدلال بعض من تأخر عنه، بأن الخبر الذي استند اليه يدل على خلاف ما ذهب اليه، فلا يصح له الاعتماد عليه، لانه عليه السلام منع من التقويم بالدراهم مطلقا سواء كان بقدر الثمن أو أقل أو أزيد، و الشيخ قد جوز بالمساوي فما يدل عليه الحديث بإطلاقه لا يقول به، و ما يقول به لا يدل عليه الخبر، إذ لا دلالة للعام على الخاص فلا يمكنه الاحتجاج به و هو جيد.
و كيف كان فان روايات المسألة كلها متفقة على الجمع الذي قدمنا ذكره «1»‌
______________________________
(1) أقول و ملخص الكلام في اخبار هذا الباب بعد الجمع بينها كما ذكرناه في الأصل ان جملة منها قد دل على انه الفسخ يرجع الى رأس ماله و مع عدم الفسخ فان بعضها دل بأنه يبيعه عليه بما شاء كما هو القول المشهور، و بعضها دل على انه يعطيه دراهم يشترى بها وكالة عنه و يقبض جنسه الذي اشتراه من وجه طلبه، و بعضها دل على انه مع قبض بعض له الفسخ في الباقي و أخذ رأس ماله، و بعضها دل على انه يجوز عوض سلفه عروضه يكون قيمة سلفه، و الجميع موافق لمقتضى الأصول و القواعد و لم يخرج من تحت رواية على بن جعفر لما عرفت في الأصل منه رحمه الله.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 43‌
و أما هذه الرواية فهي مخالفة للقواعد الفقهية المتفق عليها نصا و فتوى، فإنه بالبيع قد استحق المال المسلم فيه و صار ماله، يتصرف فيه كيف شاء، سواء اشتراه بدراهم أو عروض، و له بيعه بما شاء من الدراهم و العروض، الا أن يفسخ البيع، فيلزم رأس المال خاصة.
و أما مع عدم الفسخ فلا وجه للمنع من تقويمه بالدراهم، و كون المدفوع في قيمته دراهم و بيعه الان بدراهم لا يوجب ذلك الربا، لأنه إنما باع المتاع الذي أسلم فيه لا الثمن الذي دفعه قيمة، و أما ما دل عليه الخبر الخامس عشر فسيأتي الكلام فيه في محله إنشاء الله تعالى.
و بالجملة فالظاهر من الاخبار المذكورة بمعونة الجمع الذي قدمنا ذكره أنه مع عدم فسخ البيع الأول فله ان يبيع ما في ذمة المسلم اليه بما أراد من زيادة و نقيصة عليه أو على غيره، لانه ماله يتصرف فيه كيف شاء و لا مانع من ذلك شرعا إلا ما ربما يتخيل مما تقدم في مسألة البيع قبل القبض، و ان المختار ثمة هو التحريم كما دل عليه جل روايات تلك المسألة.
و الجواب عن ذلك ان الظاهر عندي ان هذه المسألة غير مترتبة على تلك، بل هي مسألة على حيالها كما لا يخفى على المتأمل في أخبار المسألتين و موضوع اخبار هذه المسألة انما هو بيع مال السلم على من هو عليه، و اخبار تلك المسألة انما هو الشراء على غير وجه السلم و بيعه على الغير قبل قبضه كما لا يخفى على المتأمل‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 44‌
فيها و ان اشترك الجميع في كونه بيعا قبل القبض، و المختار عندنا هنا هو الجواز كما عرفت من الاخبار التي أشرنا إليها، و هي الخبر السابع و الثامن و التاسع بالتقريب المتقدم، و ظاهر شيخنا الشهيد الثاني اختيار التحريم هنا بناء على اختياره التحريم في تلك المسألة كما قدمنا نقله عنه «1» و هو غفلة عن ملاحظة روايات هذه المسألة المذكورة فإنها صريحة في الجواز كلا و انما اختلفت في الزيادة عن رأس المال منعا و تجويزا و إلا فأصل البيع لا خلاف فيه لا في الاخبار و لا في كلام الأصحاب بخلاف روايات تلك المسألة، فإنها مختلفة في جواز البيع و عدمه، و جل الاخبار على العدم، كما رجحناه ثمة، و الظاهر ان الكراهة التي‌
______________________________
(1) حيث قال بعد قول المصنف «و يجوز بيعه على من هو عليه و على غيره و ان لم يقبضه على كراهية: ما صورته هذا إذا كان بما يكال أو يوزن» اما لو كان مما يعد ففي الكراهية نظر، لعدم الدليل، و قد تقدم في ذلك و ان الأقوى التحريم إذا كان طعاما أو إذا كان مما يكال أو يؤزن على ما فصل انتهى.
و هو ظاهر في بناء هذه المسألة على تلك المسألة فإن قوله و قد تقدم الكلام إشارة الى ما قدمه في تلك المسألة و ان عنده التحريم هنا و ان من اختار في تلك المسألة الكراهية اختار الكراهية هنا ايضا و أنت خبير في الجميع فإن الكراهة التي جمعوا بها بين اخبار تلك المسألة راجعة إلى أصل البيع حيث ان اخبار تلك المسألة اختلفت في صحة البيع و بطلانه.
و اما اخبار هذه المسألة فلم يختلفن في أصل البيع و انما اختلفت في الثمن فالكراهة إنما ترجع الى الثمن و زيادته على رأس المال لا إلى أصل البيع، فإنه لا دلالة في شي‌ء من هذه الاخبار على بطلان البيع و انما قيد المنع من الزيادة على رأس المال و في رواية على بن جعفر المنع من خصوص الدراهم و هم حملوا على الكراهة و على ما ذكرناه من الجمع باعتبار فسخ العقد و عدمه فلا يحتاج الى ما ذكروه و بالجملة فإن كلامه هنا مبنى على تلك المسألة و غفلته عن روايات هذه المسألة و الله العالم- منه رحمه الله.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 45‌
ذكرها القائلون بالجواز في هذه المسألة حيث انهم صرحوا بجواز بيع السلم على من هو عليه على كراهية، إنما استندوا فيها الى اخبار تلك المسألة لاختلافها في جواز البيع قبل القبض و عدمه، فجمعوا بينها بالكراهة، و الا فأخبار هذه المسألة على كثرتها متفقة على الجواز، و انما اختلفت في الزيادة على رأس المال.
و الظاهر ان السبب في ذلك كله هو ادراجهم هذه المسألة تحت تلك المسألة و الغفلة عن ملاحظة أخبار هذه المسألة مع كثرتها و تعددها، و التحقيق بالنظر الى اخبار كل من المسألتين هو تغاير الحكمين، و ان الأظهر في هذه المسألة هو الجواز للاخبار المتقدم ذكرها بلا كراهة بناء على ما جمعنا به بين اخبارها، و في تلك المسألة هو التحريم لما قدمناه فيها و الله العالم.
تذنيبان:
الأول [إذا حل الأجل و تأخر التسليم لعارض]
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق




الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 157
المسألة الثانية [في حكم من كان لأحد في ذمة آخر دين فباعه بأقل منه]:
لو كان لأحد في ذمة آخر دين فباعه بأقل منه عينا أو قيمة على وجه لا يحصل فيه الربا، و لا الإخلال بشروط الصرف لو كان العوضان من الأثمان، فالمشهور بين الأصحاب أنه يجب على الذي عليه الدين دفع ذلك الدين كملا إلى المشتري، لأنه قد انتقل اليه بالعقد الصحيح كما انتقل الثمن بأجمعه إلى البائع.
و قال الشيخ و جماعة: انه لا يلزم المدين أكثر مما دفعه المشترى من الثمن، و لا ريب في مخالفة هذا القول للقواعد الشرعية، و الضوابط المرعية، الا أنه قد وردت به الاخبار و عليها اعتمد الشيخ (رحمة الله عليه) فيما أفتى به هنا.
و منها ما رواه‌
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 158
و المشهور بين المتأخرين رد الخبرين بضعف الاسناد، و مخالفة القواعد الشرعية كما ذكرناه آنفا، خصوصا الرواية الثانية المتضمنة لبراءة المدين عليه المال من جميع ما بقي عليه، فإنه لا يعقل هيهنا وجه للبراءة لأنه قبل البيع ملك البائع و بعد البيع فاما أن ينتقل بالبيع إلى المشتري أم لا؟ فان انتقل فالواجب دفع الجميع إلى المشترى، و الا فلا موجب لخروجه عن ملك الأول.
و أما الرواية الأولى فيمكن حملها على مساواة ما اشترى به الدين الذي اشتراه فإنها و ان كانت مطلقة، لكن تنزيلها على ما ذكرناه ممكن لئلا يخرج عن مقتضى القواعد الصحيحة و الضوابط الصريحة.
و بالجملة فالمسألة بمحل من الإشكال، إذ الخروج عن مقتضى القواعد المذكورة مشكل، و طرح الخبرين من غير معارض في المقام أشكل، و لو وقع بطريق الصلح صح و لا اشكال، و لا يراعى فيه شروط الصرف، لاختصاصه بالبيع، أما الربا فينبغي مراعاته للقول بعدم اختصاصه بالبيع، كما تقدم في بابه «2».
______________________________
(1) الكافي ج 5 ص 100، التهذيب ج 6 ص 191.
(2) و مما يؤيد الخبرين المذكورين، رواه في الكافي و التهذيب عن عمر بن يزيد (الكافي ج 5 ص 259) «قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن رجل ضمن على رجل ضمانا ثم صالح عليه قال: ليس له الا الذي صالح عليه» فإنه ظاهر في براءة ذمة المضمون عنه فيما زاد عن مال الصلح، و بذلك صرح الأصحاب أيضا في هذه المسألة و الفرق بين المسألتين لا يخلو من خفاء و اشكال، و ان أمكن تكلفه الا أن الخبر المذكور لا يخلو من تأييد لما نحن فيه. منه رحمه الله.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 159‌
و للعلامة في المختلف هنا مع ابن إدريس كلام قد بسط فيه لسان الطعن على ابن إدريس و التشنيع لنسبته الى التجهيل مع التأويل للخبرين المذكورين لا بأس بنقله في المقام، و ان طال به زمام الكلام، لما فيه من الفوائد الظاهرة لذوي الأفهام.
قال (قدس سره) في الكتاب المذكور: لو باع الدين بأقل مما له على المديون، قال الشيخ: لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشترى من المال، و تبعه ابن البراج على ذلك، و قال ابن إدريس: قول الشيخ طريف عجيب يضحك الثكلى، و هو أنه إذا كان الدين، ذهبا كيف يجوز أن
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق


الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 159
قال (قدس سره) في الكتاب المذكور: لو باع الدين بأقل مما له على المديون، قال الشيخ: لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشترى من المال، و تبعه ابن البراج على ذلك، و قال ابن إدريس: قول الشيخ طريف عجيب يضحك الثكلى، و هو أنه إذا كان الدين، ذهبا كيف يجوز أن يبيعه بذهب أقل منه، و ان كان فضة كيف يجوز بيعه بفضة أقل منه، أو ان كان ذهبا فباعه بفضة، أو فضة فباعه بذهب، كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع الا بعد أن يتقابضا الثمن و المثمن، يقبض البائع الثمن، و المشترى المثمن، فان هذا لا خلاف فيه بين طائفتنا، بل لا خلاف فيه بين المسلمين، و قوله لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشترى من المال ان كان البيع صحيحا لزم المدين تسليم ما عليه جميعه إلى المشتري، لأنه صار مالا من أمواله بالشراء، و قد يشتري الإنسان ما يساوى خمسين قنطارا بدينار واحد، إذا كان البائع من أهل الخبرة، و انما هذه أخبار آحاد أوردها على ما وجدها إيرادا لا اعتقادا.
ثم قال العلامة: و اعلم أن كلام الشيخ قد اشتمل على حكمين، الأول- جواز بيع الدين بأقل منه. و لا ريب في جوازه، و نسبة ابن إدريس كلام الشيخ فيه الى أنه طريف عجيب يضحك به الثكلى جهل منه، و قلة تأمل و سوء فهم، و عدم بصيرة و انتفاء التحصيل لكلام العلماء، و عدم معرفة بمدلول أقوالهم، فإن الشيخ لم يحصر هو و لا غيره من المحصلين الدين في النقود، بل يجوز أن يكون ذهبا أو فضة أو غيرهما من الأقمشة و الأمتعة، ثم لم يحصروا بيع الدين بالنقود، و لا أوجبوا أن يكون الثمن من الذهب، أو الفضة حتى يتعجب من ذلك، و يظهر للعامة قلة إدراكه و عدم تحصيل و سوء أد به و مواجهة مثل هذا الشيخ المعظم الذي هو رأس المذهب و المعلم له، و المستخرج للمعاني من كلام الأئمة (عليهم السلام)، بمثل هذه السفه‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 160‌
و القول الردى، و هل منع أحد من المسلمين بيع قفيز حنطة في الذمة يساوي دينارا بربع دينار، أو بيع الدينار الدين بربع القفيز، فإن أداه سوء فهمه و قلة تحصيله الى اشتراط المساواة في الجنس باعتبار لفظة أقل كان ذلك غلطا ظاهرا، و جعل المال ما لا يدخل فيه الربا فيه، لظهور مثل هذه القواعد الممهدة و القوانين الموطدة من تحريم الربا، على انه في باقي كلامه صرح بجواز ذلك حيث تعجب من عدم التزام المديون بجميع الدين، و سوغ بيع ما يساوى خمسين قنطارا بدينار، لكن هذا الرجل لقلة تحصيله لا يفهم وقوع التناقض في كلامه، و تعجبه بنفسه لا يبالي أين يذهب.
الحكم الثاني- عدم إلزام المديون بأكثر مما وزنه المشترى و الشيخ عول في ذلك على رواية محمد بن الفضيل، ثم ذكر الرواية كما قدمناه، ثم ذكر رواية أبي حمزة، ثم قال: و لا ريب في صحة البيع و لزومه و وجوب إيفاء المشتري ما على المديون.
و لا بد حينئذ من محمل للروايتين و ليس بعيدا من الصواب أن يحملا على أحد الأمرين، الأول- الضمان و يكون إطلاق البيع عليه و الشراء بنوع من المجاز، إذ الضامن إذا أدى عن المضمون باذنه عرضا عوضا عن الدين كان له المطالبة بالقيمة، و هو نوع من المعاوضة يشبه البيع، بل هي هو في الحقيقة، و انما ينفصل عنه بمجرد اللفظ لا غير.
المحمل الثاني أن يكون البيع وقع فاسدا فإنه يجب على المديون دفع ما ساوى مال المشتري إليه بالإذن الصادر من صاحب الدين، و يبرئ من جميع ما بقي عليه من المشترى، لا من البائع، و يجب عليه دفع الباقي الى البائع لبرائته من المشترى، و هذان المحملان قريبان، يمكن صرف الروايتين إليهما، و كلام الشيخ أيضا يحمل عليهما من غير أن ينسب الشيخ الى ما نسبه ابن إدريس انتهى كلامه زيد مقامه.
و لا يخفى ما في كل من محمليه للخبرين من التكلف و التعسف، الذي يقطع‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 161‌
بعدمه، و ربما يفهم من مثل هذا التشنيع من العلامة هنا و مثله ما وقع في كلام شيخنا المفيد في مقام الرد على الصدوق- في مسألة نفى السهو عن المعصوم، و في شرح الاعتقادات و مثلهما غيرهما أيضا من المتأخرين- جواز الغيبة و استثنائها من التحريم المتفق عليه في مثل هذه المواضع، و الا فالأمر مشكل، فان جلالة مثل هؤلاء المشايخ و عدالتهم و ورعهم و تقواهم الظاهر كالشمس في رابعة النهار، يمنع من قدومهم على هذا الأمر المتفق على تحريمه نصا و فتوى، و ان كانوا لم يصرحوا بذلك في مستثنيات الغيبة. و الله سبحانه العالم.
تذنيب [الدين المؤجل لا يجوز بيعه على غير من هو عليه]:
قال في المختلف: قال ابن إدريس: الدين المؤجل لا يجوز بيعه على غير من هو عليه بلا خلاف، و الوجه عندي الكراهة، للأصل الدال على الجواز و الإجماع ممنوع، و أما ان كان حالا لم يجز بيعه بدين آخر مثله، و هل يجوز بيعه نسيئة؟ قال في النهاية: يكره ذلك مع أنه منع من بيعه بدين آخر مثله، و قال ابن إدريس: لا يجوز بيعه نسيئة، بل هو حرام محظور، لانه بعينه بيع الدين بالدين، و هو حسن انتهى.
أقول: قد تقدم في مباحث الفصل الثاني في السلف ما يتعلق بهذا المقام و يأتي إنشاء الله تعالى في بعض مسائل هذا الكتاب ما فيه كفاية لذوي الأفهام.
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق




الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 46
الثاني [بيع السلف على من هو عليه، أو على غيره قبل حلوله]
قد عرفت في صدر المسألة أن من جملة صورها بيع السلف على من هو عليه، أو على غيره قبل حلوله، يعنى حال كونه دينا و انه لا خلاف بينهم في عدم الجواز، لعدم استحقاقه له يومئذ، و ظاهرهم أن ذلك أعم من أن يبيعه حالا أو مؤجلا للعلة المذكورة، و ظاهر المحقق المتقدم ذكره ثمة أن دليلهم الإجماع، مع أنه في المسالك نقل عن العلامة في التذكرة القول بالجواز، و اليه يميل ايضا كلامه في المسالك مستندا إلى أنه حق مالي إلى آخر ما يعتبر في البيع فينبغي أن يصح بيعه على حالته التي هو عليها، و ان لم يجز المطالبة قبل الأجل. ثم اعترض على نفسه بأنه ربما أشكل بعدم إمكان قبضه الذي هو شرط في الصحة، ثم أجاب بمنع اشتراط إمكان القبض حين العقد، بل إمكانه مطلقا و يمكن تحققه بعد الحلول، كما لو باعه عينا غائبة منقولة لا يمكن قبضها الا بعد مضى زمان يمكن فيه الوصول إليها.
أقول و الاشكال المذكور انما يتوجه فيما إذا كان البيع على غير من عليه الحق،



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 47‌
و الا فلو كان على من هو عليه فإنه مقبوض، لكونه في ذمته، و الى ذلك يميل أيضا كلام المحقق الشيخ حسن بن شيخنا الشهيد الثاني في حواشيه على شرح اللمعة على ما نقله عنه ابنه الشيخ محمد، حيث أن شيخنا المشار إليه جرى في الكتاب المذكور على القول المشهور، فقال: و اما بيعه قبل حلوله فلا، لعدم استحقاقه حينئذ، فكتب عليه ابنه المحقق المذكور ان أريد بالاستحقاق استحقاق أصل الملك على أن المراد أنه لا يملك أصل المسلم فيه الا بعد الأجل فتوجه المنع اليه ظاهر، و ان أريد به عدم استحقاقه المطالبة، فمنع ذلك البيع غير واضح انتهى: ثم ان ابنه الشيخ محمد كتب على ما ذكره أبوه الجواب نختار الشق الثاني و منعه البيع واضح، لاشتراط القدرة على التسليم انتهى.
أقول و كأنه غفل عما ذكره جده في المسالك، و لم يقف عليه من الجواب عما ذكره، و اليه يميل ايضا كلام المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد و هو الذي عبرنا عنه ببعض المحققين في صدر المسألة، و قد تقدم كلامه في صدر المسألة، و بالجملة فالمسألة لخلوها عن النص لا يخلو عن اشكال، و ان كان ما ذكره هؤلاء المحققون ظاهر القوة خصوصا في البيع على من هو عليه، و كذا في صورة ما لو كان البيع مع تأجيل المبيع إلى المدة المضروبة أو لا، و ان كان على غير من هو عليه، لحصول الاستحقاق بعد المدة.
ثم ان ظاهر القول المشهور من المنع من بيعه قبل حلوله أنه لا فرق بين أن يكون الثمن حالا أو مؤجلا، لما عرفت من التعليل المذكور في كلامهم، و هو عدم الاستحقاق، و أما على القول بالجواز فلا إشكال في صحته بالحال، مشخصا كان أو مضمونا، و لا إشكال أيضا في عدم الصحة لو كان الثمن دينا قبل العقد، للزوم بيع الدين بالدين المنهي عنه، و انما الكلام فيما لو شرط تأجيله في العقد بمعنى أنه انما يكون دينا بعد العقد لا قبله، فظاهر جملة من الأصحاب دخوله في بيع الدين بالدين، و الظاهر انه المشهور.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 48‌
و ظاهر جملة منهم شيخنا الشهيد الثاني في المسالك و الروضة العدم، قال في المسالك بعد قول المصنف في مسألة بيع الدين بعد حلوله بما شرط تأجيله قيل يبطل، لانه بيع دين بدين، و قيل يكره، و هو الأشبه ما لفظه:
و أما بيعه بمؤجل فقد ذهب جماعة إلى المنع منه، اعتمادا على أن المؤجل يقع عليه اسم الدين، و فيه أنهم ان أرادوا إطلاق اسم الدين عليه قبل العقد، و حالته فظاهر منعه، لانه لا يعد دينا حتى يثبت في الذمة، و لا يثبت الا بعد العقد، فلم يتحقق بيع الدين بالدين، و ان أرادوا أنه دين بعد ذلك لزم مثله في المضمون الحال، و لا يقولون ببطلانه، و أما دعوى إطلاق اسم الدين على المؤجل قبل ثبوته في الذمة دون الحال فهو تحكم.
و الحق أن اسم بيع الدين بالدين لا يتحقق إلا إذا كان العوضان معا دينا قبل المعاوضة، كما لو باعه الدين الذي في ذمته بدين آخر له في ذمته، أو في ذمة ثالث أو تبايعا دينا في ذمة غريم لأحدهما بدين في ذمة غريم آخر للآخر، و نحو ذلك لاقتضاء الباء كون الدين نفسه عوضا، و المضمون الذي لم يكن ثابتا في الذمة قبل ذلك لا يعد جعله عوضا بيع دين بدين، و أما ما يقال: اشترى فلان كذا بالدين، مريدين به أن الثمن في ذمته لم يدفعه، فهو مجاز يريدون به أن الثمن بقي في ذمته دينا بعد البيع، و لو لا ذلك لزم مثله في الحال لإطلاقهم فيه ذلك نعم. الدين المبيع يطلق عليه اسم الدين قبل حلوله و بعده، فلا بد في المنع من دين آخر يقابله، فظهر أن ما اختاره المصنف من جواز ذلك على كراهية أوضح. انتهى و هو جيد، الا ان ما ذكره من ان الدين المبيع كالسلم مثلا يطلق عليه اسم الدين بعد الحلول أيضا و ان كان هو الظاهر من كلام غيره من الأصحاب أيضا، الا ان الدين لغة كما صرح به جملة من أرباب اللغة مخصوص بالمؤجل دون الحال، قال في القاموس: الدين ماله أجل، و ما لا أجل له فقرض.
و قال في النهاية الأثيرية فيه انه نهى عن الكالي أي النسيئة، بالنسيئة و ذلك ان يشترى الرجل شيئا الى أجل، فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضى به فيقول بعينه‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 49‌
إلى أجل آخر بزيادة شي‌ء فيبيعه منه، و لا يجرى بينهما تقابض.
و قال في كتاب الغريبين قوله تعالى «إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ» الدين ما له أجل، و القرض ما لا أجل له، و هو عين ما ذكره في القاموس، الا ان الظاهر من كلام الفيومي في المصباح المنير خلاف ذلك، قال بعد ذكر كلمات جملة من أهل اللغة في مادة الاشتقاق: تشتمل على إطلاق الدين على القرض، ثم ذكر قوله سبحانه «إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ» اى تعاملتم بدين من سلم و غيره: ما لفظه فثبت بالآية و بما تقدم ان الدين لغة هو القرض، و ثمن المبيع الى آخره، و ربما ظهر منه الاختصاص بما ذكره، و الحال كما ترى لا يخلو من الاشكال، و مثله يأتي فيما ألزمهم به من إطلاق الدين على المضمون الحال، فإنه يمكن الجواب عنه بأنه بناء على ما ذكره من تخصيص الدين بالمؤجل لغة لا يرد ما أورده، الا ان يكون مراده الإطلاق عرفا كما هو ظاهر سياق الكلام، و كيف كان فالمسألة لا تخلو عن شوب الاشكال كما تقدمت الإشارة اليه و الله العالم.
المسألة الثالثة [في دفع السلم دون الصفة و فوقها]
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق




مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول؛ ج‌19، ص: 52
باب بيع الدين بالدين الحديث الأول: ضعيف كالموثق.
قوله عليه السلام:" لا يباع الدين" المشهور بين الأصحاب جواز بيع الدين بعد حلوله على الذي عليه و على غيره، و منع ابن إدريس من بيعه على غير الغريم، و هو‌ ضعيف، و جوز في التذكرة بيعه قبل الحلول أيضا، ثم إنه لا خلاف مع الجواز أنه يجوز بيعه بالعين، و كذا بالمضمون الحال، و إن اشترط تأجيله قيل: يبطل، لأنه بيع دين بدين، و قيل: يكره و هو أشهر.
الحديث الثاني: مجهول.
الحديث الثالث: مجهول.
و قال الشهيد الثاني- رحمه الله-، بعد إيراد هذا الخبر و الذي قبله: عمل بمضمونها الشيخ و ابن البراج، و المستند ضعيف مخالف للأصول، و ربما حملنا على الضمان مجازا أو على فساد البيع، فيكون دفع ذلك الأقل مأذونا فيه من البائع في مقابلة ما دفع، و يبقى الباقي لمالكه، و الأقوى أنه مع صحة البيع يلزمه دفع الجميع.
________________________________________
اصفهانى، مجلسى دوم، محمد باقر بن محمد تقى، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، 26 جلد، دار الكتب الإسلامية، تهران - ايران، دوم، 1404 ه‍ ق




مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌5، ص: 371
مسألة: لو باع الدين بأقلّ ممّا له على المديون‌
قال الشيخ: لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال «6»، و تبعه ابن البرّاج على ذلك.
و قال ابن إدريس: قول الشيخ طريف عجيب يضحك الثكلى، و هو أنّه إذا كان الدين ذهبا كيف يجوز أن يبيعه بذهب أقل منه؟! و ان كان فضة فكيف يجوز أن يبيعها بفضة أقل منها؟! و ان كان ذهبا فباعه بفضة أو فضة‌
______________________________
(1) الكافي في الفقه: ص 331.
(2) تهذيب الاحكام: ج 6 ص 194 ح 423، وسائل الشيعة: ب 26 من أبواب الدين و القرض ح 1 ج 13 ص 115.
(3) السرائر: ج 2 ص 55.
(4) النهاية و نكتها: ج 2 ص 30- 31.
(5) السرائر: ج 2 ص 55- 56.
(6) النهاية و نكتها: ج 2 ص 31- 32.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 372‌
فباعها بذهب كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع؟! إلّا بعد أن يتقابضا الثمن و المثمن، يقبض البائع الثمن و المشتري المثمن، فإنّ هذا لا خلاف فيه بين طائفتنا، بل لا خلاف فيه بين المسلمين. و قوله: «لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال» إذا كان البيع صحيحا لزم المدين تسليم ما عليه جميعه إلى المشتري، لأنّه صار مالا من أمواله بالشراء و قد يشتري الإنسان ما يساوي خمسين قنطارا بدينار واحد إذا كان البائع من أهل الخبرة، و انّما هذه أخبار احاد أوردها على ما وجدها إيرادا لا اعتقادا «1».
و اعلم أنّ كلام الشيخ قد اشتمل على حكمين:
الأوّل: جواز بيع الدين بأقلّ منه، و لا ريب في جوازه، و نسبة ابن إدريس كلام الشيخ فيه الى أنّه «طريف عجيب يضحك الثكلى» جهل منه، و قلّة تأمل، و سوء فهم، و عدم بصيرة، و انتفاء تحصيل كلام العلماء، و عدم معرفته بمدلول أقوالهم، فإنّ الشيخ لم يحصر هو و لا غيره من المحصّلين الدين في النقود، بل يجوز أن يكون ذهبا أو فضة أو غيرهما من الأقمشة و الأمتعة، ثمَّ لم يحصروا بيع الدين بالنقود، و لا أوجبوا أن يكون الثمن من الذهب أو الفضة حتى يتعجّب من ذلك، و يظهر للغاية قلّة إدراكه، و عدم تحصيله، و سوء أدبه، و مواجهته مثل هذا الشيخ المعظّم الذي هو رأس المذهب، و المعلّم له، و المستخرج للمعاني من كلام الأئمة- عليهم السلام- بمثل هذه الشنعة و القول الردي‌ء، و هل منع أحد من المسلمين بيع قفيز حنطة في الذمة يساوي دينارا بربع دينار أو بيع الدينار من الدين بربع القفيز؟! فإن أدّاه سوء فهمه و قلّة تحصيله الى اشتراط المساواة في الجنس باعتبار لفظة «أقل» كان ذلك غلطا ظاهرا، و جعل المال مالا يدخل فيه الربا، لظهور مثل هذه القواعد الممهّدة و القوانين المطّردة من‌
______________________________
(1) السرائر: ج 2 ص 56.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 373‌
تحريم الربا، على انّه في باقي كلامه صرح بجواز ذلك، حيث تعجّب من عدم التزام المديون بجميع الدين، و سوّغ بيع ما يساوي قنطارا بدينار، لكن هذا الرجل لقلّة تحصيله لا يفهم وقوع التناقض في كلامه، و تعجّبه بنفسه لا يبالي أين يذهب.
الحكم الثاني: عدم التزام المديون بأكثر ممّا وزنه المشتري.
و الشيخ قد عوّل في ذلك على رواية محمد بن الفضيل قال: قلت للرضا- عليه السلام-: رجل اشترى دينا على رجل ثمَّ ذهب الى صاحب الدين فقال له: ادفع إليّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه، فقال: يدفع إليه قيمة ما دفع الى صاحب الدين و يبرئ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه «1».
و ما رواه أبو حمزة، عن الباقر- عليه السلام- قال: سئل عن رجل كان له على رجل دين فجاء رجل فاشترى منه بعرض ثمَّ انطلق إلى الذي عليه الدين فقال له: أعطني ما لفلان عليك فإنّي قد اشتريته منه فكيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال له أبو جعفر- عليه السلام-: يردّ على الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه من الرجل الذي عليه الدين «2».
و لا ريب في صحة البيع و لزومه و وجوب إيفاء المشتري ما على المديون، و لا بدّ حينئذ من محمل للروايتين، و ليس بعيدا من الصواب أن يحملا على أمرين:
الأوّل: الضمان و يكون إطلاق البيع عليه و الشراء نوع من المجاز، إذ الضامن إذا أدّى عن المضمون عنه بإذنه عرضا عوضا عن الدين كان له المطالبة‌
______________________________
(1) تهذيب الاحكام: ج 6 ص 191 ح 410، وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الدين و القرض ح 3 ج 13 ص 100.
(2) تهذيب الاحكام: ج 6 ص 189 ح 401، وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الدين و القرض ح 2 ج 13 ص 99.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 374‌
بالقيمة، و هو نوع من المعاوضة يشبه البيع، بل هو في الحقيقة، و انّما ينفصل عنه بمجرّد اللفظ لا غير.
المحمل الثاني: أن يكون البيع وقع فاسدا، فإنّه يجب على المديون دفع ما يساوي مال المشتري إليه بالإذن الصادر من صاحب الدين، و يبرأ من جميع ما بقي عليه من مال المشتري لا من البائع، و يجب عليه دفع الباقي الى البائع لبراءته من المشتري.
و هذان المحملان قريبان يمكن صرف الروايتين إليهما، و كلام الشيخ أيضا يحمل عليهما من غير أن ينسب كلام الشيخ الى ما نسبه ابن إدريس.
________________________________________
حلّى، علامه، حسن بن يوسف بن مطهر اسدى، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، 9 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، دوم، 1413 ه‍ ق




مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌5، ص: 379
مسألة: قد بيّنا انّه يجوز بيع الدين‌
، و هو مذهب علمائنا، و لا فرق بين بيعه على من هو عليه أو على غيره.
و منع ابن إدريس من بيعه على غير من هو عليه، و استدلّ عليه- بحصر استفاده من ذهنه القاصر و هو-: انّ المبيع إمّا عين معيّنة أو في الذمة، و الأوّل إمّا بيع عين مرئية مشاهدة فلا يحتاج الى وصف، و إمّا بيع عين غير مشاهدة فيحتاج الى وصفها و ذكر جنسها، و هو بيع خيار الرؤية. و أمّا الذي في الذمة فإنّه السلف المفتقر إلى الأجل المعيّن «2».
و الوصف الخاص و الدين ليس عينا مشاهدة و لا معيّنة موصوفة، إذ للمديون التخيير في جهات القضاء، و ليس بمسلّم إجماعا، و لا قسم رابع لنا.
ثمَّ اعترض على نفسه بأنّه خلاف إجماع الإمامية، لانعقاده على صحة بيع الدين.
ثمَّ أجاب: بأنّ العمومات قد تخصّ، و الأدلّة هنا عامة يخصها بيعه على غير من هو عليه، و يجوز بيعه على من هو عليه. ثمَّ عقّب بذلك بعد ذلك بأنّه تحقيق لا يبلغه إلّا محصّل لأصول الفقه، ضابط لفروع المذهب، عالم بأحكامه، محكم لمراده و تقريراته و تقسيماته. ثمَّ شيّد احتجاجه بالإجماع على منع جعل الدين مضاربة إلّا بعد قبضه، لأنّه قبل قبضه ملك لمن هو عليه.
______________________________
(1) تهذيب الاحكام: ج 6 ص 194- 195 ح 426.
(2) السرائر: ج 2 ص 38- 39.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 380‌
ثمَّ اعترض على نفسه بأنّ منع جعل الدين مضاربة إلّا بعد قبضه لا يستلزم منع بيعه على من هو عليه قبل قبضه و تعيّنه في ملك بائعه.
ثمَّ أجاب: بأنّ بيع خيار الرؤية لا يحتاج إلّا الى ذكر الجنس، و كونه في ملك البائع و الوصف له دون تعيين عينه بالإشارة إليه و المشاهدة له و القطع عليه، و ليس كذلك حكم مال المضاربة، لأنّه يجب أن يكون مذكور الجنس معينا، و لا يكفي ذكر الجنس و الوصف دون تعيينه في الملك كما كفى ذلك في بيع خيار الرؤية، و ان كان كلّ واحد من المالين مملوك الجنس غير متعيّن ملك عينه، و لا يتعيّن ملك عينه إلّا بعد قبضه فيصح بيعه على من هو عليه بيع خيار الرؤية، لأنّه مملوك الجنس للبائع، و من هو عليه عالم بقبضه فقام- علم من هو عليه به و بصفته- مقام وصف البائع له. فجمع هذا البيع الأمرين اللذين هما شرط في صحة بيع خيار الرؤية و هو: ذكر الجنس و علم من هو عليه الذي هو قائم مقام صفته، فلذلك جوّزنا بيعها على من هي عليه، لأنّ البيع عليه بيع خيار الرؤية، لأنّ من شرطه ذكر الجنس و الصفة، فإذا بيع عليه فقد جمع الأمرين جميعا، بخلاف بيعه على غيره، لأنّ أحد الأمرين لا يحصل له، لأنّ صاحبه لا يعلم عينه حتى يصفها للمشتري، فإن وصفها كان كاذبا جاهلا، فيدخل في النهي عن بيع الغرر، و النهي يدلّ على فساد المنهي عنه، فلهذا جوّزنا بيعها على من هي عليه دون غيره، و ليس كذلك إذا ضاربه بها، لأنّ مال المضاربة يحتاج أن يكون متميّز العين في ملك رب المال و قبل قبضه لمن هو في ذمته ليس هو متميّز العين فافترقا «1».
و طوّل في هذا الباب، و أطنب بما لا تحصيل له، و سبب غلطه ما توهّمه من الحصر و لم يدلّ عليه بدليل. ثمَّ اعتذاره عن مخالفة الإجماع بجواز التخصيص‌
______________________________
(1) السرائر: ج 2 ص 39، و فيه: «بصفته» بدل «بقبضه».



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 381‌
خطأ، لأنّه إنّما يجوز مع قيام ناهض يخصص العموم و لم يوجد، و منع علماؤنا من جعله مضاربة ليس لانتفاء الملك بل لانتفاء التعيين. ثمَّ قوله: «انّ بيع خيار الرؤية لا يفتقر إلى الإشارة» ليس بجيد، إذ هو بيع شخصية غير مشاهدة على ما قرّره في تقسيمه، و هذا الاضطراب يدلّ على انّه لا يبالي أين ذهب بكلامه، و انتفاء العلم بالعين الشخصية لا يمنع من العلم بالعين الكلية الموصوفة بالصفات المطلوبة المشترطة في وصف السلم، و أيّ غرر هنا، و لا فرق بين هذا البيع و بين السلم إلّا بالأجل، و لا شكّ في أنّ ضرب الأجل لا يصيّر المجهول معلوما.
________________________________________
حلّى، علامه، حسن بن يوسف بن مطهر اسدى، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، 9 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، دوم، 1413 ه‍ ق







كتاب الضمان